الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
وَأَصْلُهَا مِنْ هُبُوبِ الرِّيحِ أَيْ مُرُورِهِ يُقَالُ: وَهَبْتُ لَهُ وَهْبًا بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا وَهِبَةً وَهُوَ وَاهِبٌ وَوَهَّابٌ وَوَهُوبٌ وَوَهَّابَةٌ وَالِاسْمُ الْمُوهِبُ وَالْمَوْهِبَةُ بِكَسْرِ الْهَاءِ فِيهِمَا، وَالِاتِّهَابُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالِاسْتِيهَابُ سُؤَالُهَا وَتَوَاهَبُوا وَهَبَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَهِيَ شَرْعًا (تَمْلِيكُ) خَرَجَ بِهِ الْعَارِيَّةُ (جَائِزِ التَّصَرُّفِ) أَيْ: مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ (مَالًا مَعْلُومًا) خَرَجَ بِهِ الْكَلْبُ وَنَحْوُهُ (مَعْلُومًا) يَصِحُّ بَيْعُهُ (أَوْ) مَالًا (مَجْهُولًا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ) كَدَقِيقٍ اخْتَلَطَ بِدَقِيقٍ لِآخَرَ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مِلْكَهُ مِنْهُ فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ لِلْحَاجَةِ. وَفِي الْكَافِي تَصِحُّ هِبَةُ ذَلِكَ وَكَلْبٌ وَنَجَاسَةٌ يُبَاحُ نَفْعُهُمَا (مَوْجُودًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ) فَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَعْدُومِ كَمَا تَحْمِلُ أَمَتُهُ أَوْ شَجَرَتُهُ، وَلَا هِبَةُ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ كَبَيْعِهِ (غَيْرَ وَاجِبٍ) عَلَى مُمَلِّكٍ. فَلَا تُسَمَّى نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ وَنَحْوِهِمَا هِبَةً لِوُجُوبِهَا (فِي الْحَيَاةِ) خَرَجَ الْوَصِيَّةُ (بِلَا عِوَضٍ) فَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ فَبَيْعٌ وَيَأْتِي (بِمَا يُعَدُّ هِبَةً) مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَإِرْسَالِ هَدِيَّةٍ وَدَفْعِ دَرَاهِمَ لِفَقِيرٍ، وَنَحْوِهِ (عُرْفًا) لِمُعَاطَاةٍ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْعَطِيَّةُ وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ وَكُلُّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِلَا عِوَضٍ (فَمَنْ قَصَدَ بِإِعْطَاءٍ) لِغَيْرِهِ (ثَوَابَ الْآخِرَةِ فَقَطْ فَ) الْمَدْفُوعُ (صَدَقَةٌ وَ) مَنْ قَصَدَ بِإِعْطَائِهِ (إكْرَامًا وَتَوَدُّدًا وَنَحْوَهُ) كَمَحَبَّةٍ فَالْمَدْفُوعُ (هَدِيَّةٌ وَإِلَّا) يَقْصِدُ بِإِعْطَائِهِ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (فَ) الْمَدْفُوعُ (هِبَةٌ وَعَطِيَّةٌ وَنِحْلَةٌ) أَيْ: تُسَمَّى بِذَلِكَ فَالْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ مُتَّفِقَةٌ مَعْنًى وَحُكْمًا وَجَمِيعُ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَمَحْثُوثٌ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {. تَهَادُوا تَحَابُّوا} وَمَا وَرَدَ فِي فَضْلِ الصَّدَقَةِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تُقْبَلُ هَدِيَّةُ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي الْمُشْرِكِ أَلَيْسَ يُقَالُ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ وَقَبِلَ وَقَدْ رَوَاهُمَا أَحْمَدُ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَيَعُمُّ جَمِيعَهَا) أَيْ: الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالْهِبَةِ (لَفْظُ الْعَطِيَّةِ) لِشُمُولِهِ لَهَا (وَقَدْ يُرَادُ بِعَطِيَّةٍ الْهِبَةِ) أَيْ: الْمَوْهُوبُ (فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) كَمَا يَأْتِي. (وَمَنْ أَهْدَى لِيُهْدَى لَهُ أَكْثَرُ فَلَا بَأْسَ بِهِ) لِحَدِيثِ الْمُسْتَفْزِزُ يُثَابُ مِنْ هِبَةٍ (لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ} وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْحِرْصِ وَالْمِنَّةِ. (وَوِعَاءُ هَدِيَّةٍ كَهِيَ) فَلَا يُرَدُّ (مَعَ عُرْفٍ) كَقَوْصَرَةِ التَّمْرِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ رَدَّهُ (وَكُرِهَ رَدُّ هِبَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ)؛ لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا {لَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ} وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَةٍ وَلَوْ جَاءَتْ بِلَا مَسْأَلَةٍ وَلَا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ وَهُوَ أَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ: الْمُوَفَّقِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَعَنْهُ يَجِبُ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي الزَّكَاةِ لِلْخَبَرِ. (وَيُكَافِئُ) الْمُهْدَى لَهُ (أَوْ يَدْعُو) لَهُ. وَفِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ إنْ لَمْ يَجِدْ دَعَا لَهُ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَحَكَى أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُثَنَّى عَنْ وَهْبٍ قَالَ تَرْكُ الْمُكَافَأَةِ مِنْ التَّطْفِيفِ وَقَالَهُ مُقَاتِلٌ (إلَّا إذَا عَلِمَ) الْمُهْدَى لَهُ (أَنَّهُ) أَيْ: الْمُهْدِي (أَهْدَى حَيَاءً فَيَجِبُ الرَّدُّ) أَيْ: رَدُّ هَدِيَّتِهِ إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَالَ فِي الْآدَابِ: وَهُوَ قَوْلٌ: حَسَنٌ لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ فِي الْعُقُودِ عِنْدَنَا مُعْتَبَرَةٌ. (وَإِنْ شُرِطَ فِيهَا) أَيْ: الْهِبَةِ عِوَضٌ مَعْلُومٌ صَحَّ نَصًّا كَشَرْطِهِ فِي عَارِيَّةٍ (وَصَارَتْ بَيْعًا) بِلَفْظِ الْهِبَةِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ كَمَا لَوْ شُرِطَ فِي عَارِيَّةٍ مُؤَقَّتَةٍ عِوَضٌ مَعْلُومٌ فَتَصِيرُ إجَارَةً. (وَإِنْ شُرِطَ) فِي هِبَةٍ (ثَوَابٌ مَجْهُولٌ لَمْ تَصِحَّ) كَالْبَيْعِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَحُكْمُهَا كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَتُرَدُّ بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَإِنْ تَلِفَتْ أَوْ زَوَائِدُهَا ضَمِنَهَا بِبَدَلِهَا فَإِنْ أُطْلِقَتْ الْهِبَةُ لَمْ تَقْتَضِ عِوَضًا سَوَاءٌ كَانَتْ لِمِثْلِهِ أَوْ دُونِهِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ وَقَوْلُ عُمَرَ مَنْ وَهَبَ هِبَةً أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا خَالَفَهُ ابْنُهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ. وَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ: الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي شَرْطِ عِوَضٍ فِي الْهِبَةِ فَقَوْلٌ مُنْكَرٌ لَهُ وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الصَّادِرِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ وَهَبْتَنِي مَا بِيَدِي فَقَالَ مَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ قَبْلُ بَلْ بِعْتُكَهُ وَلَا هِبَةَ لِأَحَدِهِمَا يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَنْكَرَهُ مِنْ دَعْوَى الْآخَرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ وَلَا هِبَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا بَيْعَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ أَحَدِهِمَا. وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِعَقْدٍ وَتُمْلَكُ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ بِعَقْدٍ أَيْ: إيجَابٍ وَقَبُولٍ فَالْقَبْضُ مُعْتَبَرٌ لِلُزُومِهَا وَاسْتِمْرَارِهَا لِانْعِقَادِهَا وَإِنْشَائِهَا حَكَاهُ فِي الْقَوَاعِدِ عَنْ الْمُغْنِي وَالِانْتِصَارِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ فِي الشَّرْحِ مَذْهَبُنَا أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْهُوبِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْقَبْضِ وَكَذَا صَرَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ بِأَنَّ الْقَبْضَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْهِبَةِ كَالْإِيجَابِ فِي غَيْرِهَا وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَحَكَى ابْنُ حَامِدٍ أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ فِيهَا مُرَاعًى فَإِنْ وُجِدَ الْقَبْضُ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَوْهُوبِ بِقَبُولِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْوَاهِبِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ النَّمَاءُ وَالْفِطْرَةُ. فَيَصِحُّ تَصَرُّفُ مَوْهُوبٍ لَهُ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ قَبْضٍ عَلَى الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ وَالنَّمَاءُ لِلْمُتَّهِبِ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَبِيعُ بِخِيَارٍ لَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ زَمَنَهُ فَهُنَا أَوْلَى وَلِعَدَمِ تَمَامِ الْمِلْكِ. وَتَصِحُّ هِبَةٌ وَتَمَلُّكٌ بِمُعَاطَاةٍ بِفِعْلٍ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُهْدِي وَيُهْدَى إلَيْهِ وَيُعْطِي وَيُعْطَى لَهُ وَأَصْحَابُهُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ لَفْظُ إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ وَلَا أَمْرٍ بِهِ وَلَا بِتَعْلِيمِهِ لِأَحَدٍ وَلَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ نَقْلًا مَشْهُورًا {وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى بَعِيرٍ لِعُمَرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ بِعْنِيهِ فَقَالَ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ وَلَمْ يُنْقَلْ قَبُولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُمَرَ وَلَا قَبُولُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} وَلِأَنَّ دَلَالَةَ الرِّضَا بِنَقْلِ الْمِلْكِ تَقُومُ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَتَجْهِيزُ بِنْتِهِ بِجِهَازٍ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا تَمْلِيكٌ لِوُجُودِ الْمُعَاطَاةِ بِالْفِعْلِ وَهِيَ أَيْ: الْهِبَةُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ فِي تَرَاخِي قَبُولٍ عَنْ إيجَابٍ وَفِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ وَفِي غَيْرِهِمَا كَاسْتِثْنَاءِ وَاهِبٍ نَفْعَ مَوْهُوبٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَبَيْعٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ. (وَ) يَحْصُلُ قَبُولٌ هُنَا وَفِي وَصِيَّةٍ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ دَالٍّ عَلَى الرِّضَا لِمَا تَقَدَّمَ. وَقَبْضُهَا أَيْ: الْهِبَةُ كَ قَبْضِ مَبِيعٍ فَفِي مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ أَوْ مَذْرُوعٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ زَرْعٍ وَفِيمَا يُنْقَلُ بِنَقْلِهِ وَمَا يُتَنَاوَلُ بِتَنَاوُلِهِ وَمَا عَدَاهُ بِالتَّخْلِيَةِ وَلَا يَصِحُّ قَبْضُ هِبَةٍ إلَّا بِإِذْنِ وَاهِبٍ فِيهِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَى وَاهِبٍ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَأَصْلِ الْعَقْدِ وَكَالرَّهْنِ. وَلَهُ أَيْ: الْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ وَفِي إذْنٍ فِي قَبْضِهَا قَبْلَهُ أَيْ: الْقَبْضِ وَلَوْ بَعْدَ تَصَرُّفِ مُتَّهِبٍ. وَيَبْطُلُ إذْنُ وَاهِبٍ فِي قَبْضِ هِبَةٍ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَيْ: الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ كَالْوَكَالَةِ وَإِنْ مَاتَ وَاهِبٌ قَبْلَ قَبْضِ هِبَتِهِ وَقَدْ أَذِنَ فِيهِ أَوَّلًا فَوَارِثُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي إذْنٍ فِي قَبْضٍ وفِي رُجُوعٍ فِي هِبَتِهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ يَئُولَ إلَى اللُّزُومِ كَالرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ خِيَارٌ بِخِلَافٍ نَحْوِ الْوَكَالَةِ. وَتَلْزَمُ هِبَةٌ بِقَبْضٍ بِإِذْنِ وَاهِبٍ لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ لِعَائِشَةَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ يَا بُنَيَّةُ إنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جُذَاذَ عِشْرِينَ وُسْقًا وَلَوْ كُنْتِ جَذَذْتِيهِ وَحُزْتِيهِ كَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ الْوَارِثِ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَلِقَوْلِ عُمَرَ لَا نِحْلَةَ إلَّا نِحْلَةٌ يُجَوِّزُهَا الْوَلَدُ دُونَ الْوَالِدِ وَكَالطَّعَامِ الْمَأْذُونِ فِي أَكْلِهِ كَمَا تَلْزَمُ الْهِبَةُ بِعَقْدٍ فِيمَا بِيَدِ مُتَّهِبٍ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ أَوْ مَضْمُونَةً كَعَارِيَّةٍ وَغَصْبٍ وَلَا يُحْتَاجُ لِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فِيهِ لِأَنَّ الْقَبْضَ مُسْتَدَامٌ فَأَغْنَى عَنْ الِابْتِدَاءِ. وَتَبْطُلُ هِبَةٌ بِمَوْتِ مُتَّهِبٍ بَعْدَ عَقْدٍ وَقَبْلَ قَبْضٍ لِأَنَّ الْقَبْضَ مِنْهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَبُولِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَا إذَا مَاتَ مَنْ أُوجِبَ لَهُ بَيْعٌ قَبْلَ قَبُولِهِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ فَلَوْ أَنْفَذَهَا أَيْ: الْهِبَةَ وَاهِبٌ مَعَ رَسُولِهِ أَيْ: الْوَاهِبِ ثُمَّ مَاتَ مَوْهُوبٌ لَهُ أَيْ: الْمُرْسَلُ إلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ بِمَوْتِهِ لِحَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ {لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا إنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَ مِسْكٍ وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إلَّا قَدْ مَاتَ وَلَا أَرَى هَدِيَّتِي إلَّا مَرْدُودَةً عَلَيَّ فَإِنْ رُدَّتْ فَهِيَ لَكِ قَالَتْ فَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدَّتْ إلَيْهِ هَدِيَّتُهُ فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ مِسْكٍ وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَاهِبٌ وَمَتَى بَلَّغَ الرَّسُولُ مَوْتَهُ أَيْ: مَوْتَ الْوَاهِبِ فِي أَثْنَاءِ طَرِيقٍ فَلَيْسَ لَهُ حَمْلُهَا إلَى الْمُهْدَى إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْوَارِثُ وَهِيَ ابْتِدَاءُ هِبَةٍ مِنْهُ لِبُطْلَانِ الْهِبَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَبْلَ الْقَبُولِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتِمَّ وَلَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ إنْ كَانَتْ مَعَ رَسُولٍ مَوْهُوبٍ لَهُ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ قَبْضَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَقَبْضِهِ فَيَكُونُ الْمَوْتُ بَعْدَ لُزُومِهَا بِالْقَبْضِ فَلَا يُؤَثِّرُ. وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ لِحَمْلٍ لِأَنَّ تَمْلِيكَهُ تَعْلِيقٌ عَلَى خُرُوجِهِ حَيًّا وَالْهِبَةُ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ. (وَيَقْبَلُ وَيَقْبِضُ لِصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ) وَسَفِيهٍ وُهِبَ لَهُمْ شَيْءٌ (وَلِيٌّ) وَهُوَ أَبٌ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ أَمِينُهُ لِأَنَّهُ قَبُولٌ لِلْمَحْجُورِ فِيهِ حَظٌّ فَكَانَ إلَى الْوَلِيِّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنْ عُدِمَ الْوَلِيُّ فَمَنْ يَلِيهِ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِئَلَّا يَضِيعَ وَتَهْلَكَ وَيَصِحُّ مِنْ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ قَبْضُ مَأْكُولٍ يُدْفَعُ مِثْلُهُ لِلصَّغِيرِ. فَإِنْ وَهَبَ هُوَ أَيْ: الْوَلِيُّ لِمُوَلِّيهِ وَكَّلَ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ الْهِبَةَ مِنْهُ إنْ كَانَ غَيْرَ الْأَبِ وَيَقْبِضُ هُوَ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ لِلصَّبِيِّ غَيْرَ الْأَبِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا لَا بُدَّ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبَلُ لِلصَّبِيِّ وَيَقْبِضُ لَهُ فَيَكُونُ الْإِيجَابُ مِنْهُ وَالْقَبُولُ وَالْقَبْضُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَا يَحْتَاجُ أَبٌ وَهَبَ مُوَلِّيَهُ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ إلَى تَوْكِيلٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ الْأَبَ وَغَيْرَهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ هُنَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَصْدُرُ مِنْهُ وَمِنْ وَكِيلِهِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْهِ كَالْأَبِ وَصَرِيحُ كَلَامِ الْمُغْنِي وَالْإِنْصَافِ أَنَّ تَوْكِيلَ غَيْرِ الْأَبِ يَكُونُ فِي الْقَبُولِ وَالْقَبْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْقَبُولِ فَقَطْ وَيَكُونُ الْإِيجَابُ وَالْقَبْضُ مِنْ الْوَاهِبِ. وَمَنْ أَبْرَأَ مَدِينَهُ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ وَهَبَهُ أَيْ: الدَّيْنَ لِمَدِينِهِ أَوْ أَحَلَّهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْهُ أَوْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ أَوْ تَرَكَهُ لَهُ أَوْ مَلَّكَهُ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَيْ: الدَّيْنِ عَلَيْهِ أَيْ: الْمَدِينِ أَوْ عَفَا عَنْهُ أَيْ: الدَّيْنَ صَحَّ ذَلِكَ جَمِيعُهُ وَكَانَ مُسْقِطًا لِلدَّيْنِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْطَيْتُكَهُ وَإِنَّمَا صَحَّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ يَتَنَاوَلُهَا اللَّفْظُ انْصَرَفَ إلَى مَعْنَى الْإِبْرَاءِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنَهُ هِبَةً حَقِيقِيَّةً لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَانْتِفَاءِ شَرْطِ الْهِبَةِ وَمِنْ هُنَا امْتَنَعَ هِبَةٌ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ إجْزَاؤُهُ عَنْ الزَّكَاةِ لِانْتِفَاءِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِهِ أَيْ: الدَّيْنِ أَوْ اعْتَقَدَ رَبُّ دَيْنٍ مُسْقِطٍ لَهُ عَدَمَهُ أَيْ: الدَّيْنِ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ أَوْ نَحْوَهُ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَاتَ. وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَنَحْوُهُ إنْ عَلَّقَهُ رَبُّ دَيْنٍ بِشَرْطٍ نَصًّا فِي إنْ مِتَّ بِفَتْحِ التَّاءِ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ وَإِنْ قَالَ إنْ مِتُّ بِضَمِّ التَّاءِ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ فَهُوَ وَصِيَّةٌ لِلْمَدِينِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَيَبْرَأُ مَدِينٌ بِإِبْرَاءِ رَبِّ الْحَقِّ لَهُ بِأَحَدِ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ مُنَجَّزًا وَلَوْ رَدَّ الْمَدِينُ الْإِبْرَاءَ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ بِخِلَافِ هِبَةِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ (أَوْ) أَيْ: وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مُنَجَّزًا وَلَوْ جَهِلَ رَبُّ الدَّيْنِ قَدْرَهُ وَصِفَتَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ لَا إنْ عَلِمَهُ مَدِينٌ فَقَطْ وَكَتَمَهُ مِنْ رَبِّ دَيْنٍ خَوْفًا مِنْ أَنَّهُ إنْ عَلِمَهُ رَبُّ الدَّيْنِ لَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ لِأَنَّهُ هَضْمٌ لِلْحَقِّ وَهُوَ إذْنٌ كَالْمُكْرَهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَالْخُصُومَةِ فِيهِ. وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مَعَ إبْهَامِ الْمَحَلِّ الْوَارِدِ عَلَيْهِ الْإِبْرَاءُ كَ أَبْرَأْتُ أَحَدَ غَرِيمَيْ أَوْ أَبْرَأْتُ غَرِيمِي هَذَا مِنْ أَحَدِ دَيْنَيْ كَ وَهَبْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ أَوْ كَفَلْتُ أَحَدَ الدَّيْنَيْنِ. وَمَا صَحَّ بَيْعُهُ مِنْ الْأَعْيَانِ صَحَّتْ هِبَتُهُ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ فَتَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ وَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ نَقْلُ الْيَدِ فِي الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَيْسَ هِبَةً حَقِيقَةً قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَيَظْهَرُ لِي صِحَّةُ هِبَةِ الصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ قَوْلًا وَاحِدًا. وَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ نَفْعِهِ أَيْ: الْمَوْهُوبِ فِيهَا أَيْ: الْهِبَةِ عِنْدَ عَقْدِهَا زَمَنًا مُعَيَّنًا نَحْوَ شَهْرٍ وَسَنَةٍ كَالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ. وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمُشَاعِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَيُعْتَبَرُ لِقَبْضِ مُشَاعٍ يُنْقَلُ أَيْ: لِجَوَازِهِ أَوْ انْتِفَاءِ ضَمَانِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ ذَكَرَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ أَذِنَ شَرِيكٌ فِيهِ كَالْبَيْعِ وَتَكُونُ حِصَّتُهُ أَيْ: الشَّرِيكِ وَدِيعَةً مَعَ قَابِضٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فَإِنْ أَبَى شَرِيكٌ تَسْلِيمَ نَصِيبِهِ قِيلَ لِمُتَّهَبٍ وَكِّلْ شَرِيكَكَ فِي قَبْضِهِ لَكَ فَإِنْ أَبَى نَصَّبَ حَاكِمٌ مَنْ يَكُونُ بِيَدِهِ لَهُمَا فَيَنْقُلُهُ فَيَحْصُلُ الْقَبْضُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الشَّرِيكِ فِي ذَلِكَ وَيَتِمُّ بِهِ عَقْدُ شَرِيكِهِ فِيهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَيْ: الْقَابِضُ فِي التَّصَرُّفِ أَيْ الِانْتِفَاعِ بِمَا مِنْهُ الشِّقْصُ الْمَوْهُوبُ مَجَّانًا بِلَا عِوَضٍ فَحِصَّةُ الشَّرِيكِ مَضْمُونَةٌ كَعَارِيَّةٍ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْتِفَاعِ بِأُجْرَةٍ فَنَصِيبُ شَرِيكِهِ أَمَانَةٌ كَأُجْرَةٍ فَإِنْ قَالَ اسْتَعْمِلْهُ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لَا ضَمَانَ فِيهَا. وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ مَجْهُولٍ لَمْ يَتَعَذَّرْ عِلْمُهُ نَصًّا لِأَنَّهُ كَحَمْلٍ فِي بَطْنٍ وَلَبَنٍ فِي ضَرْعٍ وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ فَلَمْ تَصِحَّ فِي الْمَجْهُولِ كَالْبَيْعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ صَحَّتْ هِبَتُهُ كَالصُّلْحِ عَنْهُ لِلْحَاجَةِ. وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ مَا فِي ذِمَّةِ مَدِينٍ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ مَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَمَغْصُوبٍ لِغَيْرِ غَاصِبِهِ أَوْ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ كَبَيْعِهِ. وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا أَيْ: الْهِبَةِ عَلَى شَرْطٍ غَيْرِ مَوْتِ الْوَاهِبِ فَيَصِحُّ وَتَكُونُ وَصِيَّةً لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ لِمُعَيَّنٍ فِي الْحَيَاةِ فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ كَالْبَيْعِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فَوَعْدٌ لَا هِبَةٌ وَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ مَا يُنَافِيهَا كَأَنْ لَا يَبِيعَهَا الْمُتَّهَبُ أَوْ لَا يَهَبَهَا وَنَحْوَهُمَا كَلَا يَلْبِسُ الثَّوْبَ الْمَوْهُوبَ وَتَصِحُّ هِيَ أَيْ الْهِبَةُ مَعَ فَسَادِ الشَّرْطِ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْسَرَ. وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ مُؤَقَّتَةً كَ وَهَبْتُكَهُ شَهْرًا أَوْ سَنَةً لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِانْتِهَاءِ الْهِبَةِ فَلَا تَصِحُّ مَعَهُ كَالْبَيْعِ إلَّا فِي الْعُمْرَى فَتَصِحُّ مَعَ التَّوْقِيتِ بِالْعُمْرِ لِأَنَّهُ شَرْطُ رُجُوعِهَا هُنَا عَلَى غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ وَارِثُهُ بِخِلَافِ التَّوْقِيتِ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَمَعْنَاهَا شَرْطُ الْوَاهِبِ عَلَى الْمُتَّهِبِ عَوْدَ مَوْهُوبٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَيْهِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ أَيْ: الْمَوْهُوبِ لَهُ سُمِّيَتْ عُمْرَى لِتَقْيِيدِهَا بِالْعُمْرِ كَ أَعْمَرْتُكَ أَوْ أَرْقَبْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذِهِ الْفَرَسَ أَوْ هَذِهِ الْأَمَةَ يُقَالُ أَعْمَرْتُهُ وَعَمَّرْتُهُ مُشَدَّدًا إذَا جَعَلْتُ لَهُ الدَّارَ مُدَّةَ عُمُرِكَ أَوْ عُمُرِهِ وَأَرْقَبْتُكَ أَعْطَيْتُكَ وَنَصُّهُ أَيْ: أَحْمَدَ فِيمَنْ يَعْمُرُ أَمَةً لَا يَطَؤُهَا نَقَلَهُ يَعْقُوبُ وَابْنُ هَانِئٍ وَحَمَلَ أَيْ: حَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْوَرَعِ لِأَنَّ الْوَطْءَ اسْتِبَاحَةُ فَرْجٍ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ الْعُمْرَى وَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ فَلَمْ يَرَ لَهُ وَطْأَهَا لِهَذَا وَبَعَّدَهُ ابْنُ رَجَبٍ قَالَ وَالصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ بِالْعُمْرَى قَاصِرٌ أَوْ جَعَلْتُهَا لَكَ عُمُرَكَ أَوْ حَيَاتَكَ أَوْ جَعَلْتُهَا لَكَ عُمْرَى أَوْ رُقْبَى أَوْ مَا بَقِيت أَوْ أَعْطَيْتُكَهَا عُمُرَكَ أَوْ حَيَاتَكَ أَوْ عُمْرَى أَوْ رُقْبَى أَوْ مَا بَقِيت فَتَصِحُّ لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا {الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ لَا تَعْمُرُوا وَلَا تَرْقُبُوا فَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْإِعْلَامِ لَهُمْ بِنُفُوذِهَا لِلْمُعْمَرِ وَالْمُرْقَبِ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ فَمَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أَعْمَرَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا وَتَكُونُ لِمُعْطِي وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ إنْ كَانُوا لِلْخَبَرِ كَتَصْرِيحِهِ أَيْ: الْمُعْمِرِ بِأَنَّ الْعُمْرَى بَعْدَ مَوْتِ مُعْمَرٍ لِوَرَثَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَإِلَّا يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَهِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ نَصًّا كَسَائِرِ الْمَالِ. الْمُخَلَّفِ وَإِنْ أَضَافَهَا لِعُمْرِ غَيْرِهِ كَوَهَبْتُكَهَا عُمْرَ زَيْدٍ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهَا هِبَةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ الْعُمْرَى. وَإِنْ شَرَطَ وَاهِبٌ عَلَى مَوْهُوبٍ لَهُ رُجُوعَهَا أَيْ: الْهِبَةِ بِلَفْظِ إرْقَابٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمُعْمِرٍ أَيْ وَاهِبٍ عِنْدَ مَوْتِهِ مُطْلَقًا أَوْ شَرَطَ رُجُوعَهَا إلَيْهِ أَيْ الْوَاهِبِ إنْ مَاتَ مَوْهُوبٌ لَهُ قَبْلَهُ أَيْ: الْوَاهِبِ أَوْ شَرَطَ رُجُوعَهَا إلَى غَيْرِهِ كَوَرَثَةِ وَاهِبٍ إنْ مَاتَ قَبْلَ مَوْهُوبٍ لَهُ وَهَذِهِ هِيَ الرُّقْبَى سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ وَعَنْ أَحْمَدَ الرُّقْبَى هِيَ لَكَ حَيَاتَكَ فَإِذَا مِتُّ فَهِيَ لِفُلَانٍ أَوْ رَاجِعَةٌ إلَيَّ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ أَوْ شَرَطَ وَاهِبٌ رُجُوعَهَا مُطْلَقًا أَيْ: بِلَا تَقْيِيدٍ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَيْهِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ أَوْ إلَى آخَرِهِمَا مَوْتًا لَغَا الشَّرْطُ وَصَحَّتْ الْهِبَةُ لِمُعْمَرٍ اسْمِ مَفْعُولٍ وَبَعْدَهُ لِوَرَثَتِهِ كَالْأَوَّلِ أَيْ: كَالْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ لِحَدِيثِ جَابِرٍ {قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَغَا وَصَحَّ الْعَقْدُ كَالْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرٍ إنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَأَمَّا إذَا قَالَ هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ نَفْسِهِ فَلَا يُعَارِضُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَا يَصِحُّ إعْمَارُ الْمَنَافِعِ وَلَا إرْقَابُهَا فَلَوْ قَالَ مَنَحْتُكَهُ عُمُرَكَ فَعَارِيَّةٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ مَنَحَهُ النَّاقَةَ: جَعَلَ لَهُ وَبَرَهَا وَلَبَنَهَا وَوَلَدَهَا وَهِيَ الْمِنْحَةُ وَالْمَنِيحَةُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَنْ بَيْتِهِ سُكْنَاهُ لَكَ عُمُرَكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَنْ بُسْتَانِهِ وَنَحْوُهُ غَلَّتُهُ لَكَ عُمُرَكَ وَعَنْ قِنِّهِ خِدْمَتُهُ لَكَ عُمُرَكَ عَارِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ إنَّمَا تُسْتَوْفَى شَيْئًا فَشَيْئًا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلَا تَلْزَمُ إلَّا فِي قَدْرِ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ.
وَيَجِبُ عَلَى وَاهِبٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى تَعْدِيلٌ بَيْنَ مَنْ يَرِثُ مِنْ وَاهِبٍ بِقَرَابَةٍ مِنْ وَلَدٍ وَغَيْرِهِ كَآبَاءٍ وَإِخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ وَبَنِيهِمْ وَنَحْوِهِمْ فِي هِبَةِ شَيْءٍ غَيْرِ تَافِهٍ نَصًّا حَتَّى لَوْ زَوَّجَ بَعْضَ بَنَاتِهِ وَجَهَّزَهَا أَوْ بَعْضَ بَنِيهِ وَأَعْطَى عَنْهُ الصَّدَاقَ وَالتَّعْدِيلُ الْوَاجِبُ لِكَوْنِهَا أَيْ: الْهِبَةِ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ نَصًّا لِحَدِيثِ جَابِرٍ. قَالَ {قَالَتْ امْرَأَةُ بَشِيرٍ لِبَشِيرٍ أَعْطِ ابْنِي غُلَامًا وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إنَّ ابْنَةَ فُلَانٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلَامِي، فَقَالَ: أَلَهُ إخْوَةٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَوَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إلَّا عَلَى حَقٍّ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَقَالَ فِيهِ لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ إنَّ لِبَنِيكَ عَلَيْكَ مِنْ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ {اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ}. وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ {اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ} فَأَمَرَ بِالْعَدْلِ بَيْنَهُمْ وَسَمَّى تَخْصِيصَ بَعْضِهِمْ: جَوْرًا وَالْجَوْرُ حَرَامٌ وَقِيسَ عَلَى الْأَوْلَادِ بَاقِي الْأَقَارِبِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَوَالِي وَلَا يَجِبُ عَلَى مُسْلِمٍ التَّعْدِيلُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ الذِّمِّيِّينَ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إلَّا فِي نَفَقَةٍ فَتَجِبُ الْكِفَايَةُ دُونَ التَّعْدِيلِ نَصًّا لِأَنَّهَا لِدَفْعِ الْحَاجَةِ قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ حَتَّى فِي الْقُبَلِ وَلَهُ أَيْ: الْمُعْطِي التَّخْصِيصُ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ مِنْ أَقَارِبِهِ بِإِذْنِ الْبَاقِي مِنْهُمْ لِانْتِفَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْقَطِيعَةِ إذَنْ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ الْمَنْعِ وَكَذَا التَّفْضِيلُ فَإِنْ خَصَّ بَعْضَ أَقَارِبِهِ الْوَارِثِينَ بِشَيْءٍ أَوْ. فَضَّلَ بَعْضَهُمْ بِلَا إذْنِ الْبَاقِي (رَجَعَ) فِيمَا خَصَّ بِهِ بَعْضَهُمْ أَوْ فَضَّلَهُ بِهِ إنْ أَمْكَنَ (أَوْ أَعْطَى) الْبَاقِيَ (حَتَّى يُسَوَّوْا) بِمَنْ خَصَّهُ أَوْ فَضَّلَهُ نَصًّا وَلَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ تَدَارُكٌ لِلْوَاجِبِ. وَيَجُوزُ لِلْأَبِ تَمْلِيكُهُ بِلَا حِيلَةٍ، قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ (فَإِنْ مَاتَ) مُعْطٍ (قَبْلَهُ) أَيْ التَّعْدِيلِ (وَلَيْسَتْ) الْعَطِيَّةُ (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ: الْمُعْطِي الْمَخُوفِ (ثَبَتَتْ لِآخِذٍ) فَلَا رُجُوعَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ عَلَيْهِ نَصًّا. لِخَبَرِ الصِّدِّيقِ. وَكَمَا لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ انْفَرَدَ. فَإِنْ كَانَتْ بِمَرَضِهِ الْمَخُوفِ تَوَقَّفَتْ عَلَى إجَازَةِ الْبَاقِي وَيَأْتِي (وَتَحْرُمُ الشَّهَادَةُ عَلَى تَخْصِيصٍ أَوْ تَفْضِيلٍ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً إنْ عَلِمَ) الشَّاهِدُ بِهِ. لِحَدِيثِ (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ) وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي) فَهُوَ تَهْدِيدٌ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْ مِنْهُ هَذَا الْمَعْنَى بَشِيرٌ لَبَادَرَ إلَى الِامْتِثَالِ وَلَمْ يَرُدَّ الْعَطِيَّةَ (وَكَذَا كُلُّ عَقْدٍ فَاسِدٍ عِنْدَهُ) أَيْ: الشَّاهِدِ. فَتَحْرُمُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً. وَقَالَ الْقَاضِي: يَشْهَدُ وَهُوَ أَظْهَرُ. قَالَهُ فِي التَّنْقِيحِ. (وَتُبَاحُ قِسْمَةُ مَالِهِ بَيْنَ وَارِثِهِ) عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِعَدَمِ الْجَوْرِ فِيهَا (وَيُعْطَى) وَارِثٌ (حَادِثٌ حِصَّتَهُ) مِمَّا قُسِّمَ (وُجُوبًا) لِيَحْصُلَ التَّعْدِيلُ الْوَاجِبُ. (وَسُنَّ أَنْ لَا يُزَادَ ذَكَرٌ عَلَى أُنْثَى) مِنْ أَوْلَادٍ وَإِخْوَةٍ وَنَحْوِهِمْ (فِي وَقْفٍ) عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ (وَيَصِحُّ) مِنْ مَرِيضِ مَرَضَ مَوْتٍ مَخُوفٍ (وَقْفُ ثُلُثِهِ فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِهِمْ) أَيْ: الْوَرَثَةِ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِحَدِيثِ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ. وَبِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوَرَّثُ وَلَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ أَيْ مُطْلَقًا. فَلَوْ وَقَفَ دَارًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا عَلَى ابْنِهِ وَبِنْتِهِ بِالسَّوِيَّةِ فَرْدًا. فَثُلُثُهَا وَقْفٌ بَيْنَهُمَا لَا يَحْتَاجُ لِإِجَازَةٍ بِالسَّوِيَّةِ وَثُلُثَاهَا مِيرَاثٌ، وَإِنْ رَدَّ الِابْنُ وَحْدَهُ فَلَهُ ثُلُثَا الثُّلُثَيْنِ إرْثًا. وَلِلْبِنْتِ ثُلُثُهُمَا وَقْفًا. وَإِنْ رَدَّتْ الْبِنْتُ وَحْدَهَا فَلَهَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ إرْثًا. وَلِلِابْنِ نِصْفُهُمَا وَقْفًا وَسُدُسُهُمَا إرْثًا لِرَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ رَدَّ التَّسْوِيَةَ فَقَطْ دُونَ أَصْلِ الْوَقْفِ وَلِلْبِنْتِ ثُلُثُهُمَا وَقْفًا. وَ(لَا) يَنْفُذُ (وَقْفُ مَرِيضٍ وَ) لَوْ كَانَ وَقْفُهُ (عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِ) جُزْءٍ (زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ: ثُلُثِ مَالِهِ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ، بَلْ يَقِفُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ قَالَ (الْمُنَقِّحُ: وَلَوْ) وَقَفَ ذَلِكَ (حِيلَةً كَ) وَقْفِ نَحْوِ مَرِيضٍ (عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَيْهِ) أَيْ: الْوَارِثِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَحْرِيمِ الْحِيَلِ وَبُطْلَانِهَا. (وَلَا) يَصِحُّ (رُجُوعُ وَاهِبٍ) فِي هِبَتِهِ (بَعْدَ قَبْضٍ) وَلَوْ نُقُوطًا أَوْ حُمُولَةً فِي نَحْوِ عُرْسٍ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ لِلُزُومِهَا بِهِ (وَيَحْرُمُ) الرُّجُوعُ بَعْدَهُ.
لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا {الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ عَوَّضَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يُعَوِّضْ، لِأَنَّ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ لَا تَقْتَضِي ثَوَابًا (إلَّا مَنْ وَهَبَتْ زَوْجَهَا) شَيْئًا (بِمَسْأَلَتِهِ) إيَّاهَا (ثُمَّ ضَرَّهَا بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَتَزْوِيجٍ عَلَيْهَا نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إذَا وَهَبَتْ لَهُ مَهْرَهَا فَإِنْ كَانَ سَأَلَهَا ذَلِكَ رَدَّهُ إلَيْهَا رَضِيَتْ أَوْ كَرِهَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَهَبُ إلَّا مَخَافَةَ غَضَبِهِ أَوْ إضْرَارًا بِأَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَأَلَهَا وَتَبَرَّعَتْ بِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَغَيْرُ الصَّدَاقِ كَالصَّدَاقِ (وَ) إلَّا (الْأَبُ) لِحَدِيثِ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا {لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ} رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَسَوَاءٌ أَرَادَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ بِالرُّجُوعِ أَوْ لَا. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَافِرًا وَهَبَ لِوَلَدِهِ الْكَافِرِ شَيْئًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْوَلَدُ. وَمَنَعَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إذَنْ. وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِهَا (وَلَوْ تَعَلَّقَ بِمَا وَهَبَهُ) الْأَبُ لِوَلَدِهِ (حَقٌّ كَفَلَسٍ) بِأَنْ أَفْلَسَ الْوَالِدُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ. وَفِيهِ مَا ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ (أَوْ) تَعَلَّقَ بِهِ (رَغْبَةً كَتَزْوِيجٍ) بِأَنْ زُوِّجَ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ رَغْبَةً فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَالرُّجُوعُ فِي الصَّدَقَةِ كَالْهِبَةِ (إلَّا إذَا وَهَبَهُ) أَيْ: وَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ (سُرِّيَّةً لِلْإِعْفَافِ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا (وَلَوْ اسْتَغْنَى) الِابْنُ عَنْهَا بِتَزَوُّجِهِ أَوْ. شِرَائِهِ غَيْرَهَا وَنَحْوِهِ. وَإِنْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ نَصًّا لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالزَّوْجَةِ (أَوْ) أَيْ: وَإِلَّا (إذَا أَسْقَطَ) الْأَبُ (حَقَّهُ مِنْهُ) أَيْ: الرُّجُوعِ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ فَيَسْقُطُ، خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْنَاعِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ مُجَرَّدُ حَقِّهِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ فَإِنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلْمَرْأَةِ لِإِثْمِهِ بِالْعَضْلِ (وَلَا يَمْنَعُهُ) أَيْ: الرُّجُوعَ (نَقْصُ) عَيْنٍ مَوْهُوبَةٍ بِيَدِ وَلَدٍ سَوَاءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا أَوْ ذَاتُهَا بِتَآكُلِ بَعْضِ أَعْضَائِهَا أَوْ جُنِيَ عَلَيْهَا أَوْ جَنَى فَتَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ وَنَحْوِهِ. فَإِنْ رَجَعَ فَأَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْأَبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الِابْنِ لَهُ، وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ لِلِابْنِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَمْنَعُهُ (زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ) كَوَلَدٍ وَثَمَرَةٍ وَكَسْبٍ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْأَصْلِ دُونَ النَّمَاءِ (وَهِيَ) أَيْ الزِّيَادَةُ (لِلْوَلَدِ) لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِهِ، وَلَا تُتْبَعُ فِي الْفُسُوخِ فَكَذَا هُنَا (إلَّا إذَا حَمَلَتْ الْأَمَةُ) الْمَوْهُوبَةُ لِلْوَلَدِ (وَوَلَدَتْ) عِنْدَهُ (فَيُمْنَعُ) الرُّجُوعُ (فِي الْأُمِّ) الْمَوْهُوبَةِ لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا (وَتَمْنَعُهُ) أَيْ: الرُّجُوعَ لِزِيَادَةٍ (الْمُتَّصِلَةُ) كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَحَمْلٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهَا إنْمَاءُ مِلْكِهِ وَلَمْ تَنْتَقِلْ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ. فَلَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ فِيهَا كَالْمُنْفَصِلَةِ. وَإِذَا امْتَنَعَ الرُّجُوعُ فِيهَا امْتَنَعَ فِي الْأَصْلِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَضَرَرِ التَّشْقِيصِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ رَضِيَ بِبَذْلِ الزِّيَادَةِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَإِنْ زَادَ بِبُرْئِهِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ صَمَمٍ مُنِعَ الرُّجُوعُ كَسَائِرِ الزِّيَادَاتِ (وَيُصَدَّقُ أَبٌ فِي عَدَمِهَا) أَيْ: الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لَهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا. (وَ) يَمْنَعُ الرُّجُوعَ (رَهْنُهُ) اللَّازِمُ لِمَا وَهَبَهُ لَهُ أَبُوهُ؛ لِأَنَّ فِي رُجُوعِهِ إبْطَالًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَإِضْرَارًا بِهِ (إلَّا أَنْ يَنْفَكَّ) الرَّهْنُ بِوَفَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَمْلِكُ الرُّجُوعَ إذَنْ، لِأَنَّ مِلْكَ الِابْنِ لَمْ يَزُلْ وَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ. (وَ) تَمْنَعُ الرُّجُوعَ (هِبَةُ الْوَالِدِ) مَا وَهَبَهُ لَهُ أَبُوهُ (لِوَلَدِهِ) لِأَنَّ فِي رُجُوعِ الْأَوَّلِ إبْطَالًا لِمِلْكِ غَيْرِ ابْنِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ هُوَ) أَيْ: الثَّانِي فِي هِبَتِهِ لِابْنِهِ فَلِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ إذَنْ لِعَوْدِ الْمِلْكِ إلَيْهِ بِالسَّبَبِ) الْأَوَّلِ (وَ) يَمْنَعُ الرُّجُوعَ (بَيْعُهُ) أَيْ: الْوَلَدِ لِمَا وَهَبَهُ لَهُ أَبُوهُ، وَكَذَا هِبَتُهُ وَوَقْفُهُ وَنَحْوُهُ، مِمَّا يَنْقُلُ الْمِلْكَ أَوْ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ كَالِاسْتِيلَاءِ. وَكَذَا لَا رُجُوعَ لَهُ فِي دَيْنٍ أَبْرَأَ وَلَدَهُ مِنْهُ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَبَاحَهَا لَهُ بَعْدَ اسْتِيفَائِهَا كَسُكْنَى دَارٍ وَنَحْوِهَا (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) الْمَبِيعُ (إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْوَلَدِ (بِفَسْخٍ أَوْ فَلَسِ مُشْتَرٍ) فَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيهِ إذَنْ لِعَوْدِهِ لِلْوَلَدِ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ. أَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْخِيَارِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ الْوَلَدُ أَوْ اتَّهَبَهُ وَنَحْوَهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ فِيهِ لِأَنَّهُ عَادَ لِلْوَلَدِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ لَمْ يَسْتَفِدْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَلَمْ يَمْلِكْ إزَالَتَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْهُوبًا. وَ(لَا) يُمْنَعُ رُجُوعُ الْأَبِ فِي رَقِيقٍ وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ (إنْ دَبَّرَهُ) الْوَلَدُ (أَوْ كَاتَبَهُ) لِأَنَّهُمَا لَا يُمْنَعَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الرَّقَبَةِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. أَشْبَهَا مَا لَوْ زَوَّجَهُ أَوْ آجَرَهُ (وَيُمَلِّكُهُ) أَيْ: الْأَبُ الرَّقِيقَ الَّذِي رَجَعَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ كَاتَبَهُ وَلَدُهُ (مُكَاتَبًا) لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ كِتَابَتِهِ. فَكَذَا مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ وَكَذَا إجَارَةٌ وَتَزْوِيجٌ وَنَحْوُهُمَا. وَمَا أَخَذَهُ. الْوَلَدُ مِنْ دَيْنِ كِتَابَةٍ أَوْ مَهْرِ أَمَةٍ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ أَبُوهُ. وَمَا حَلَّ بَعْدَ رُجُوعِ أَبٍ فَلَهُ. وَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَطْءُ الْأَمَةِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ مِنْ الِابْنِ وَلَا تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ وَلَا الْمُزَارَعَةُ عَلَى أَرْضٍ مَوْهُوبَةٍ أَوْ مُسَاقَاةٌ عَلَى شَجَرٍ مَوْهُوبٍ وَنَحْوُهُ. (وَلَا يَصِحُّ رُجُوعٌ إلَّا بِقَوْلٍ) نَحْوَ رَجَعْتُ فِي هِبَتِي، أَوْ ارْتَجَعْتُهَا أَوْ رَدَدْتُهَا أَوْ عُدْتُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ يَقِينًا، فَلَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ وَهُوَ صَرِيحُ الرُّجُوعِ. فَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ بِالْقَوْلِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ نَوَى بِهِ الرُّجُوعَ.
وَلِأَبٍ حُرٍّ مُحْتَاجٍ وَغَيْرِهِ تَمَلُّكُ مَا شَاءَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِعِلْمِهِ أَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ صَغِيرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى رَاضِيًا أَوْ سَاخِطًا، لِحَدِيثِ {أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ} رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مُطَوَّلًا. وَرَوَاهُ غَيْرُهُ وَزَادَ {إنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا {إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ} أَخْرَجَهُ سَعِيدٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ حَنْطَبٍ قَالَا {جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّ لِي مَالًا وَعِيَالًا وَلِأَبِي مَالٌ وَعِيَالٌ وَأَبِي يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ} رَوَاهُ سَعِيدٌ (مَا لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ: يَضُرُّ الْأَبُ وَلَدَهُ بِمَا يَتَمَلَّكُهُ مِنْهُ. فَإِنْ ضَرَّهُ بِأَنْ تَتَعَلَّقَ حَاجَةُ الْوَلَدِ بِهِ كَآلَةِ حِرْفَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ يَتَمَلَّكْهُ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دَيْنِهِ، فَلَأَنْ تُقَدَّمَ عَلَى أَبِيهِ أَوْلَى، وَكَذَا لَا يَتَمَلَّكُهُ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ رَهْنٍ أَوْ فَلَسٍ. ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ. (إلَّا سُرِّيَّتَهُ) أَيْ: أَمَةُ الِابْنِ الَّتِي وَطِئَهَا فَلَيْسَ لِأَبِيهِ تَمَلُّكُهَا (وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالزَّوْجَةِ نَصًّا (أَوْ) إلَّا إذَا تَمَلَّكَ الْأَبُ (لِيُعْطِيَهُ لِوَلَدٍ آخَرَ) فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ نَصًّا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ بِالْعَطِيَّةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَلَأَنْ يُمْنَعَ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الْآخَرِ أَوْلَى (أَوْ) إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّمَلُّكُ (بِمَرَضِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) الْمَخُوفِ. فَلَا يَصِحُّ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْإِرْثِ. وَلَيْسَ لِلْأُمِّ وَلَا لِلْجَدِّ التَّمَلُّكُ مِنْ مَالِهِ كَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَقَارِبِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَيْسَ لِلْأَبِ الْكَافِرِ أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ. قَالَ الْإِنْصَافُ: وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ. وَقَالَ أَيْضًا: الْأَشْبَهُ أَنَّ الْأَبَ الْمُسْلِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الْكَافِرِ شَيْئًا. (وَيَحْصُلُ) تَمَلُّكَ أَبٍ (بِقَبْضِ) مَا تَمَلَّكَهُ نَصًّا (مَعَ قَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ أَوْ قَرِينَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ لِتَمَلُّكٍ وَغَيْرِهِ، فَاعْتُبِرَ مَا يُعَيِّنُ وَجْهَ الْقَبْضِ. (فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ: الْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ: الْقَبْضِ (وَلَوْ) كَانَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ (عِتْقًا) نَصًّا، لِتَمَامِ مِلْكِ الِابْنِ عَلَى مَالِهِ. وَإِنَّمَا لِلْأَبِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ كَالْعَيْنِ الَّتِي وَهَبَهَا لَهُ. (وَلَا يَمْلِكُ) الْأَبُ (إبْرَاءَ نَفْسِهِ) مِنْ دَيْنٍ لِوَلَدِهِ عَلَيْهِ كَإِبْرَائِهِ لِغَرِيمِهِ وَقَبْضِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمْ يَمْلِكْهُ (وَلَا) يَمْلِكُ الْأَبُ إبْرَاءَ (غَرِيمِ وَلَدِهِ وَلَا قَبْضِهِ) أَيْ: دَيْنِ وَلَدِهِ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ غَرِيمِ وَلَدِهِ (لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ: الدَّيْنَ (إلَّا بِقَبْضِهِ) مِنْ غَرِيمِهِ وَنَحْوِهِ (وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ بِقَبْضِهِ) أَيْ: دَيْنِ وَلَدِهِ مِنْ غَرِيمِهِ (وَأَنْكَرَ الْوَلَدُ) أَوْ أَقَرَّ (رَجَعَ) الْوَلَدُ (عَلَى غَرِيمِهِ) بِدَيْنِهِ لِبَقَائِهِ بِذِمَّتِهِ. (وَ) رَجَعَ (الْغَرِيمُ عَلَى الْأَبِ) بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. (وَإِنْ أَوْلَدَ) الْأَبُ (جَارِيَةَ وَلَدِهِ) قَبْلَ تَمَلُّكِهَا (صَارَتْ لَهُ) أَيْ: لِلْأَبِ (أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّ إحْبَالَهُ لَهَا يُوجِبُ نَقْلَ مِلْكِهَا إلَيْهِ. فَصَادَفَ وَطْؤُهُ مِلْكًا. فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْوَلَدِ (وَوَلَدُهُ) أَيْ: الْأَبِ مِنْ أَمَةِ وَلَدِهِ (حُرٌّ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ) لِوَلَدِهِ رَبِّ الْجَارِيَةِ الَّتِي انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ بِعُلُوقِهَا. فَهِيَ إنَّمَا أَتَتْ بِهِ فِي مِلْكِ الْأَبِ (وَلَا مَهْرَ) عَلَيْهِ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبُ نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا. وَإِيجَابُ قِيمَتِهَا لِلْوَلَدِ كَمَا يَأْتِي، فَهُوَ كَالْإِتْلَافِ. فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ الْمَهْرُ (وَلَا حَدَّ) عَلَى أَبٍ بِوَطْءِ أَمَةِ وَلَدِهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ لِحَدِيثِ {أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ} (وَيُعَزَّرُ) الْأَبُ لِوَطْئِهِ الْمُحَرَّمِ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْأَبِ بِإِحْبَالِ جَارِيَةِ وَلَدِهِ (قِيمَتُهَا) لِوَلَدِهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَيْهِ. لَكِنْ لَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ بِهَا كَمَا يَأْتِي (وَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهَا) أَيْ: أَمَةِ الْوَلَدِ الَّتِي أَحْبَلَهَا أَبُوهُ (إنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا وَلَوْ لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا) الِابْنُ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالزَّوْجَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَلَيْسَتْ مَحَلًّا لِتَمَلُّكِهِ (فَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ) إنْ حَمَلَتْ مِنْهُ نَصًّا (وَمَنْ اسْتَوْلَدَ أَمَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ قِنٌّ. وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ حُدَّ) لِأَنَّ الِابْنَ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكٌ عَلَى أَحَدِ أَبَوَيْهِ. فَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِي الْوَطْءِ. (وَلَيْسَ لِوَلَدٍ وَلَا) لِ (وَرَثَتِهِ) أَيْ: الْوَلَدِ (مُطَالَبَةُ أَبٍ بِدَيْنٍ) كَقَرْضٍ وَثَمَنٍ مَبِيعٍ (أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ) كَثَوْبٍ وَنَحْوِهِ حَرَقَهُ لِوَلَدِهِ (أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ) عَلَى وَلَدِهِ، وَكَقَلْعِ سِنِّهِ وَقَطْعِ طَرْفِهِ (وَلَا) بِشَيْءٍ (غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لِلِابْنِ عَلَيْهِ) كَأُجْرَةِ أَرْضٍ زَرَعَهَا أَوْ دَارٍ سَكَنَهَا وَنَحْوِهِ. لِحَدِيثِ {أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ} (إلَّا بِنَفَقَتِهِ) أَيْ: الْوَلَدِ (الْوَاجِبَةِ) عَلَى أَبِيهِ لِفَقْرِهِ وَعَجْزِهِ عَنْ تَكَسُّبٍ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ. لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا وَحَبْسُهُ عَلَيْهَا (وَ) إلَّا (بِعَيْنِ مَالٍ لَهُ) أَيْ: الْوَلَدِ (بِيَدِهِ) أَيْ: الْأَبِ فَيُطَالِبُهُ الْوَلَدُ وَوَرَثَتُهُ بِعَيْنِ مَالٍ لَهُ بِيَدِهِ (وَيَثْبُتُ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: لِلْوَلَدِ فِي ذِمَّةِ وَالِدِهِ (الدَّيْنُ) مِنْ ثَمَنٍ وَأُجْرَةٍ وَقَرْضٍ (وَنَحْوِهِ) كَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ (وَإِنْ وَجَدَ) الْوَلَدُ (عَيْنَ مَالِهِ الَّذِي أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ) لِأَبِيهِ (وَنَحْوَهُ) كَالْغَصْبِ (بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ) أَيْ الْوَلَدِ الَّذِي بَاعَ أَبَاهُ أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ وَالِدُهُ (أَخْذُهُ) أَيْ: أَخْذُ ذَلِكَ الْقَرْضِ أَوْ الْمَبِيعِ، حَيْثُ جَازَ الرُّجُوعُ أَوْ الْمَغْصُوبُ دُونَ بَقِيَّةِ وَرَثَةِ الْأَبِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) الْوَلَدُ (انْتَقَدَ ثَمَنَهُ) مِنْ أَبِيهِ. وَقَدْ أَوْضَحْتُ مَا فِي ذَلِكَ فِي الْحَاشِيَةِ وَالشَّرْحِ (وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ) أَيْ: الْوَلَدِ (الَّذِي عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ) أَيْ: الْأَبِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ عَلَيْهِ (بَلْ) تَسْقُطُ (جِنَايَتُهُ) أَيْ: الْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ أَيْ: أَرْشُهَا. فَلَا يَرْجِعُ بِهِ فِي تَرِكَتِهِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ الْجِنَايَةَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا عَلَى مَالٍ أَوْ نَفْسِ الْوَلَدِ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَيْنِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِمَا كَوْنُ الْأَبِ أَخَذَ عَنْ هَذَا عِوَضًا. بِخِلَافِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ. بِمَوْتِهِ أَيْضًا دَيْنُ الضَّمَانِ إذَا ضَمِنَ غَرِيمَ وَلَدِهِ (وَمَا قَضَاهُ) الْأَبُ (فِي مَرَضِهِ) لِوَلَدِهِ مِنْ دَيْنِهِ عَلَيْهِ (أَوْ وَصَّى) الْأَبُ (بِقَضَائِهِ) مِنْ دَيْنِ وَلَدِهِ (فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ عَلَيْهِ لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَدَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ.
فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ وَمُحَابَاتِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (وَعَطِيَّةُ مَرِيضٍ) مَرَضًا (غَيْرَ مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَوْ) كَانَ مَرَضُهُ (مَخُوفًا أَوْ) كَانَ مَرَضُهُ (غَيْرَ مَخُوفٍ كَصُدَاعٍ) أَيْ: وَجَعِ رَأْسٍ (وَ) كَ (وَجَعِ ضِرْسٍ وَنَحْوِهِمَا) كَحُمَّى يَوْمٍ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَكَإِسْهَالٍ يَسِيرٍ بِلَا دَمٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا بِأَنْ لَا يُمْكِنَ مَنْعُهُ وَلَا إمْسَاكُهُ، وَإِلَّا كَانَ مَخُوفًا وَلَوْ سَاعَةً (وَلَوْ صَارَ مَخُوفًا وَمَاتَ بِهِ كَ) عَطِيَّةِ (صَحِيحٍ) تَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ لَا يُخَافُ مِنْهَا فِي الْعَادَةِ وَاعْتِبَارًا بِحَالِ الْعَطِيَّةِ. (وَ) عَطِيَّةُ مَرِيضٍ (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ كَالْبِرْسَامِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ. وَهُوَ بُخَارٌ يَرْتَقِي إلَى الرَّأْسِ يُؤَثِّرُ فِي الدِّمَاغِ فَيَخْتَلُّ بِهِ الْعَقْلُ. وَقَالَ عِيَاضٌ: هُوَ وَرَمٌ فِي الدِّمَاغِ يَتَغَيَّرُ مِنْهُ عَقْلُ الْإِنْسَانِ وَيَهْذِي (وَذَاتِ الْجَنْبِ) قُرُحٌ بِبَاطِنِ الْجَنْبِ (وَالرُّعَافِ الدَّائِمِ) لِأَنَّهُ يُصَفِّي الدَّمَ فَتَذْهَبُ الْقُوَّةُ (وَالْقِيَامِ الْمُتَدَارِكِ) أَيْ: الْإِسْهَالِ الَّذِي لَا يَسْتَمْسِكُ وَلَوْ كَانَ سَاعَةً لِأَنَّ مَنْ لَحِقَهُ ذَلِكَ أَسْرَعَ فِي هَلَاكِهِ، وَكَذَا إسْهَالٌ مَعَهُ دَمٌ، لِأَنَّهُ يُضْعِفُ الْقُوَّةَ (وَالْفَالِجِ) دَاءٌ مَعْرُوفٌ (فِي ابْتِدَائِهِ. وَالسِّلِّ) بِكَسْرِ السِّينِ دَاءٌ مَعْرُوفٌ (فِي انْتِهَائِهِ. وَمَا قَالَ عَدْلَانِ) لَا وَاحِدٌ وَلَوْ عُدِمَ غَيْرُهُ (مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ إنَّهُ مَخُوفٌ) كَوَجَعِ الرِّئَةِ وَالْقُولَنْجِ، وَهُوَ مَعَ الْحُمَّى أَشَدُّ خَوْفًا. وَكَذَا الطَّاعُونُ وَهَيَجَانُ الصَّفْرَاءِ وَالْبَلْغَمِ (كَوَصِيَّةٍ) تُنَفَّذُ فِي الثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ لِأَجْنَبِيٍّ. وَتَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ. وَلِوَارِثٍ بِشَيْءٍ (وَلَوْ) كَانَتْ عَطِيَّتُهُ (عِتْقًا) لِبَعْضٍ وَكَذَا عَفْوُهُ عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَالَ (أَوْ مُحَابَاةً) كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَهِيَ أَنْ يُسَامِحَ أَحَدُ الْمُتَعَاوِضَيْنِ الْآخَرَ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ بِبَعْضِ مَا يُقَابِلُ الْعِوَضَ كَأَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِثَمَانِيَةٍ أَوْ يَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي ثَمَانِيَةً بِعَشَرَةٍ (لَا) إنْ كَانَ الصَّادِرُ مِنْ الْمَرِيضِ (كِتَابَةً) لِرَقِيقِهِ أَوْ بَعْضِهِ بِمُحَابَاةٍ (أَوْ) كَانَ (وَصِيَّةٍ بِهَا) أَيْ: كِتَابَتِهِ (بِمُحَابَاةٍ) فَالْمُحَابَاةُ فِيهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. هَذَا مُقْتَضَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَعَارَضَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ كَلَامَ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَالْفُرُوعِ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَإِنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكِتَابَةَ نَفْسَهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ هَلْ هِيَ. كَالْوَصِيَّةِ فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ عَلَى الْأَدَاءِ. فَكَانَتْ مِنْ الثُّلُثِ كَتَعْلِيقِهِ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ كَالْبَيْعِ؟ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ. وَقَالَ: وَلَمْ أَعْلَمْ أَيْضًا مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْحَارِثِيِّ. قُلْتُ: هُوَ أَيْضًا صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَهُ كَكَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ. وَهُوَ وَاضِحٌ (وَإِطْلَاقُهَا) أَيْ: إذَا أَوْصَى أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فُلَانًا وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ يُكَاتَبُ (بِقِيمَتِهِ) جَمْعًا بَيْنَ حَقِّ الْوَرَثَةِ وَحَقِّهِ. (وَ) الْأَمْرَاضُ (الْمُمْتَدَّةُ كَالسِّلِّ) لَا فِي حَالِ انْتِهَائِهِ (وَالْجُذَامِ وَالْفَالِجِ فِي دَوَامِهِ إنْ صَارَ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ فَمَخُوفَةٌ. وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّ صَاحِبَ الْفِرَاشِ يُخْشَى تَلَفُهُ. أَشْبَهَ صَاحِبَ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ لِلْمَوْتِ (وَكَمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ مَنْ بَيْنِ الصَّفَّيْنِ وَقْتَ حَرْبٍ) أَيْ اخْتِلَاطِ الطَّائِفَتَيْنِ لِلْقِتَالِ (وَكُلٌّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُكَافِئٌ) لِلْأُخْرَى (أَوْ) كَانَ الْمُعْطِي (مِنْ) الطَّائِفَةِ (الْمَقْهُورَةِ) لِأَنَّ تَوَقُّعَ التَّلَفِ إذَنْ كَتَوَقُّعِ الْمَرِيضِ أَوْ أَكْثَرَ وَسَوَاءٌ تَبَيَّنَ دِينَ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ لَا (وَمَنْ بِاللُّجَّةِ) بِضَمِّ اللَّامِ أَيْ: لُجَّةِ الْبَحْرِ (عِنْدَ الْهَيَجَانِ) أَيْ: ثَوَرَانِ الْبَحْرِ بِرِيحٍ عَاصِفٍ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ) لِخَوْفِهِ (أَوْ قُدِّمَ لِقَتْلٍ) قِصَاصًا أَوْ غَيْرَهُ لِظُهُورِ التَّلَفِ وَقُرْبِهِ (أَوْ حُبِسَ لَهُ) أَيْ: الْقَتْلِ (وَأَسِيرٌ عِنْدَ مَنْ عَادَتُهُ الْقَتْلُ) لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ (وَجَرِيحٌ) جُرْحًا (مُوحِيًا مَعَ ثَبَاتِ عَقْلِهِ) لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا جُرِحَ سَقَاهُ الطَّبِيبُ لَبَنًا فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ (اعْهَدْ إلَى النَّاسِ. فَعَهِدَ إلَيْهِمْ وَوَصَّى) وَعَلِيٌّ بَعْدَ ضَرْبِ ابْنِ مُلْجِمٍ لَهُ أَوْصَى وَأَمَرَ وَنَهَى. فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَقْلُهُ. فَلَا حُكْمَ لِعَطِيَّتِهِ بَلْ وَلَا لِكَلَامِهِ (وَحَامِلٌ عِنْدَ مَخَاضٍ) أَيْ: طَلْقٍ نَصًّا (مَعَ أَلَمٍ حَتَّى تَنْجُوَ) مِنْ نِفَاسِهَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ ضَرْبِ الْمَخَاضِ لَا تَخَافُ الْمَوْتَ، فَأَشْبَهَتْ صَاحِبَ الْمَرَضِ الْمُمْتَدِّ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ صَاحِبَ فِرَاشٍ. فَإِنْ خَرَجَ الْوَلَدُ وَالْمَشِيمَةُ وَحَصَلَ هُنَاكَ وَرَمٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ، أَوْ رَأَتْ دَمًا كَثِيرًا فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْجُ بَعْدُ. وَالسِّقْطُ كَالْوَلَدِ التَّامِّ. وَإِنْ وَضَعَتْ مُضْغَةً فَعَطَايَاهَا كَعَطَايَا الصَّحِيحِ (وَكَمَيِّتِ مِنْ ذَبْحٍ أَوْ أُبِينَتْ حُشْوَتُهُ) أَيْ: أَمْعَاؤُهُ. فَلَا يُعْتَدُّ بِكَلَامِهِ لَا خَرْقِهَا وَقَطْعِهَا فَقَطْ أَوْ خُرُوجِهَا بِلَا إبَانَةٍ. وَذَكَرَ الْمُوَفَّقُ فِي فَتَاوِيهِ: إنْ خَرَجَتْ حُشْوَتُهُ وَلَمْ تَبِنْ ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهُ وَرِثَهُ. وَإِنْ أُبِينَتْ فَالظَّاهِرُ يَرِثُهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ زَهُوقُ النَّفْسِ وَخُرُوجُ الرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ. وَلِأَنَّ الطِّفْلَ يَرِثُ وَيُورَثُ بِمُجَرَّدِ اسْتِهْلَالِهِ. وَإِنْ كَانَ لَا يَدُلُّ عَلَى حَيَاةٍ أُثْبِتَ مِنْ حَيَاةِ هَذَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ ذُبِحَ لَيْسَ كَمَيِّتٍ مَعَ بَقَاءِ رُوحِهِ. (وَلَوْ عَلَّقَ صَحِيحٌ عِتْقَ قِنِّهِ) عَلَى شَرْطٍ (فَوُجِدَ) الشَّرْطُ (فِي مَرَضِهِ) أَيْ: مَرَضِ مَوْتِهِ (الْمَخُوفِ (فَ) الْعِتْقُ (مِنْ ثُلُثِهِ) اعْتِبَارًا بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ (وَتُقَدَّمُ عَطِيَّةٌ اجْتَمَعَتْ مَعَ وَصِيَّةٍ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا مَعَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ) لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ لَازِمَةٌ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ كَعَطِيَّةِ الصِّحَّةِ (وَإِنْ عَجَزَ) الثُّلُثُ (عَنْ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنَجَّزَةِ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ) مِنْهَا (فَالْأَوَّلِ) عِتْقًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ الْمُنَجَّزَةَ لَازِمَةٌ فِي حَقِّ الْمُعْطِي. فَإِذَا كَانَتْ خَارِجَةً مِنْ الثُّلُثِ لَزِمَتْ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ. فَلَوْ شَارَكَتْهَا الثَّانِيَةُ لَمَنَعَ ذَلِكَ لُزُومَهَا فِي حَقِّ الْمُعْطِي لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْ بَعْضِهَا بِعَطِيَّةٍ أُخْرَى (فَإِنْ وَقَعَتْ) الْعَطَايَا الْمُنَجَّزَةُ (دَفْعَةً) وَاحِدَةً كَأَنْ قَبِلَهَا الْكُلُّ مَعًا أَوْ وَكَّلُوا وَاحِدًا قَبِلَ لَهُمْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ (قُسِّمَ) الثُّلُثُ (بَيْنَ الْجَمِيعِ بِالْحِصَصِ) لِتَسَاوِي أَهْلِهَا فِي اسْتِحْقَاقِهَا لِحُصُولِهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ (وَلَا يُقَدَّمُ عِتْقٌ) عَلَى غَيْرِهِ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ. (وَأَمَّا مُعَاوَضَتُهُ) أَيْ: الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَتَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَلَوْ) كَانَتْ (مَعَ وَارِثٍ) لِعَدَمِ الْمُحَابَاةِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِلْوَرَثَةِ فِيهَا كَمَا لَوْ وَقَعَتْ مَعَ غَيْرِ وَارِثٍ (وَإِنْ حَابَى) مَرِيضٌ (وَارِثَهُ) فِي نَحْوِ بَيْعٍ (بَطَلَتْ) الْمُعَاوَضَةُ (فِي قَدْرِهَا) أَيْ: الْمُحَابَاةِ لِأَنَّهَا كَالْهِبَةِ. وَهِيَ لَا تَصِحُّ مِنْهُ لِوَارِثٍ بِغَيْرِ إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ (وَصَحَّتْ) الْمُعَاوَضَةُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ قَدْرِ الْمُحَابَاةِ (بِقِسْطِهِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الصِّحَّةِ الْمُحَابَاةُ. وَهِيَ فِي غَيْرِ قَدْرِهَا مَفْقُودَةٌ. فَلَوْ بَاعَ لِوَارِثِهِ شَيْئًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَشَرَةٍ فَلَمْ يُجِزْ بَاقِي الْوَرَثَةِ. صَحَّ بَيْعُ ثُلُثِهِ بِالْعَشَرَةِ وَالثُّلُثَانِ كَعَطِيَّةٍ (وَلَهُ الْفَسْخُ لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَةِ فِي حَقِّهِ إلَّا إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الْوَارِثِ الْمُشْتَرِي (شَفِيعٌ وَأَخَذَهُ) أَيْ: مَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ مِنْ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ بِالشُّفْعَةِ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ إذَنْ (وَلَوْ حَابَى) الْمَرِيضُ (أَجْنَبِيًّا) وَخَرَجَتْ الْمُحَابَاةُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ (وَشَفِيعُهُ وَارِثٌ أَخَذَ بِهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ (حِيلَةً) عَلَى مُحَابَاةِ الْوَارِثِ (لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ لِغَيْرِهِ) أَشْبَهَ مَا لَوْ انْتَقَلَ الشِّقْصُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ مِنْ غَيْرِ الْمُوَرِّثِ وَكَمَا لَوْ وَصَّى لِغَرِيمِ وَارِثِهِ. (وَإِنْ آجَرَ) مَرِيضٌ (نَفْسَهُ وَحَابَى الْمُسْتَأْجِرَ صَحَّ) الْعَقْدُ (مَجَّانًا) بِلَا رَدِّ مُسْتَأْجِرٍ لِشَيْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ أَوْ الْعَمَلِ وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَجِّرْ نَفْسَهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ شَيْءٌ (وَيُعْتَبَرُ ثُلُثُهُ) أَيْ: مَالِ الْمُعْطِي فِي الْمَرَضِ (عِنْدَ مَوْتٍ) لَا عِنْدَ عَطِيَّةٍ أَوْ مُحَابَاةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ عِتْقٍ. (فَلَوْ أَعْتَقَ) مَرِيضٌ (مَا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ ثُمَّ مَلَكَ مَا يَخْرُجُ) الْعَتِيقُ (مِنْ ثُلُثِهِ تَبَيُّنًا عَتَقَهُ كُلَّهُ) لِخُرُوجِهِ مِنْ ثُلُثِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ (وَإِنْ) أَعْتَقَهُ ثُمَّ (لَزِمَهُ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ) أَيْ الْعَتِيقَ (لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ) لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ كَالْوَصِيَّةِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا، وَحُكْمُ هِبَتِهِ كَعِتْقِهِ. وَلَا يَبْطُلُ تَبَرُّعُهُ بِإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ نَصًّا. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَهُ لُبْسُ نَاعِمٍ وَأَكْلُ طَيِّبٍ لِحَاجَتِهِ. وَإِنْ فَعَلَهُ لِتَفْوِيتِ الْوَرَثَةِ مُنِعَ.
تُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ: أَحَدُهَا: (أَنْ يُبْدَأَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مِنْهَا) أَيْ: الْعَطَايَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَالْوَصِيَّةُ يُسَوَّى بَيْنَ مُتَقَدِّمِهَا وَمُتَأَخِّرِهَا) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَوُجِدَ دَفْعَةً وَاحِدَةً. (الثَّانِي: لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْعَطِيَّةِ) بَعْدَ لُزُومِهَا بِالْقَبْضِ وَإِنْ كَثُرَتْ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ لَا لِحَقِّهِ. فَلَمْ يَمْلِكْ إجَازَتَهَا وَلَا رَدَّهَا (بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ) فَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهَا؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ بِهَا مَشْرُوطٌ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيمَا قَبْلَ الْمَوْتِ كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبُولِ. (الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَبُولُ عَطِيَّةٍ عِنْدَهَا) لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ فِي الْحَالِ فَاعْتُبِرَتْ شُرُوطُهُ وَقْتَ وُجُودِهِ (وَالْوَصِيَّةُ بِخِلَافِهَا) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَا حُكْمَ لِقَبُولِهَا وَلَا رَدِّهَا قَبْلَهُ. (الرَّابِعُ: أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِي عَطِيَّةٍ مِنْ حِينِهَا) أَيْ: حِينِ وُجُودِهَا بِشُرُوطِهَا (مُرَاعًى) لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ هَذَا مَرَضُ الْمَوْتِ أَوْ لَا، وَلَا نَعْلَمُ هَلْ يَسْتَفِيدُ مَالًا أَوْ يَتْلَفُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ؟ (فَإِذَا) مَاتَ و(خَرَجَتْ) الْعَطِيَّةُ (مِنْ ثُلُثِهِ عِنْدَ مَوْتٍ تَبَيُّنًا) إذَنْ (أَنَّهُ) أَيْ: الْمِلْكَ (كَانَ ثَابِتًا) مِنْ حِينِ الْعَطِيَّةِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ مِنْهُ. (فَلَوْ أَعْتَقَ) مَرِيضٌ قِنًّا فِي مَرَضِهِ فَكَسَبَ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ (أَوْ وَهَبَ) مَرِيضٌ (قِنًّا فِي مَرَضِهِ فَكَسَبَ) كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ (ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ فَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَكَسْبُ مُعْتَقٍ لَهُ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا مِنْ حِينِ الْعِتْقِ، فَكَسْبُهُ لَهُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ (وَ) كَسْبُ (مَوْهُوبٍ لِمَوْهُوبٍ لَهُ) لِأَنَّ الْكَسْبَ تَابِعٌ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ لِمَوْهُوبٍ لَهُ (وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ) أَيْ: الْعَتِيقِ أَوْ الْمَوْهُوبِ مِنْ الثُّلُثِ دُونَ بَقِيَّتِهِ (فَلَهُمَا) أَيْ: الْعَتِيقِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ (مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ) أَيْ: قَدْرِ الْبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْ الثُّلُثِ. فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ رُبْعُ الْعَبْدِ كَانَ لَهُ أَوْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ رُبْعُ كَسْبِهِ وَبَاقِيهِ لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ كَانَ نِصْفَهُ كَانَ لَهُ أَوْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ نِصْفُ كَسْبِهِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَهَكَذَا وَيُفْضِي إلَى الدَّوْرِ. (فَلَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ قِنًّا لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَكَسَبَ) الْعَتِيقُ (مِثْلَ قِيمَتِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ) فَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ مِنْ حِينِ عِتْقِهِ وَبَاقِيهِ لِسَيِّدِهِ. فَيَزِيدُ بِهِ مَالُ السَّيِّدِ وَتَزْدَادُ الْحُرِّيَّةُ لِذَلِكَ وَيَزْدَادُ حَقُّهُ مِنْ كَسْبِهِ. فَيَنْقُصُ بِهِ حَقُّ السَّيِّدِ مِنْ الْكَسْبِ. وَيَنْقُصُ بِذَلِكَ قَدْرُ الْمُعْتَقِ مِنْهُ فَيُسْتَخْرَجُ بِالْجَبْرِ (فَ) يُقَالُ (قَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ) لِأَنَّ كَسْبَهُ مِثْلُهُ (وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ) مِنْهُ وَمِنْ كَسْبِهِ، لِأَنَّ لَهُمْ مِثْلَيْ مَا عَتَقَ مِنْهُ. وَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَى الْمُكْتَسِبِ مَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ لَا مِنْ جِهَةِ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ لِلْمُكْتَسِبِ شَيْئَانِ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ مِنْهُ وَمِنْ كَسْبِهِ (فَصَارَ) الْمُكْتَسِبُ (وَكَسْبُهُ نِصْفَيْنِ يُعْتَقُ مِنْهُ نِصْفُهُ وَلَهُ نِصْفُ كَسْبِهِ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُمَا) أَيْ: نِصْفُ الْمُكْتَسِبِ وَنِصْفُ كَسْبِهِ. فَلَوْ كَانَ الْقِنُّ فِي الْمِثَالِ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَكَسَبَ مِائَةً فَالشَّيْءُ خَمْسُونَ (وَإِنْ كَسَبَ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ صَارَ لَهُ شَيْئَانِ) لِأَنَّ كَسْبَهُ مِثْلَاهُ (وَعَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ) فَيُقَسَّمُ هُوَ وَكَسْبُهُ أَخْمَاسًا (يُعْتَقُ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ كَسْبِهِ وَالْبَاقِي) وَهُوَ خُمُسَاهُ وَخُمُسَا كَسْبِهِ (لِلْوَرَثَةِ) وَإِنْ كَسَبَ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ قِيمَتِهِ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مِنْ كَسْبِهِ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ فَيُعْتَقُ مِنْهُ ثُلُثَاهُ وَلَهُ ثُلُثَا كَسْبِهِ وَلِلْوَرَثَةِ الثُّلُثُ مِنْهُ وَمِنْ كَسْبِهِ (وَإِنْ كَسَبَ نِصْفَ قِيمَتِهِ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَهُ نِصْفُ شَيْءٍ مِنْ كَسْبِهِ) لِأَنَّ كَسْبَهُ مِثْلُ نِصْفِهِ (وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ) فَالْأَشْيَاءُ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ، اُبْسُطْهَا أَنْصَافًا تَكُنْ سَبْعَةً لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا (فَيُعْتَقُ. ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ كَسْبِهِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ) فَلَهُمْ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ كَسْبِهِ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَكَسَبَ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ فَاجْعَلْ لَهُ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ شَيْئًا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مِائَةُ شَيْءٍ وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ تِسْعَةُ أَشْيَاءَ وَلِلْوَرَثَةِ مِائَتَا شَيْءٍ. فَيُعْتَقُ مِنْهُ مِائَةُ جُزْءٍ وَتِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِمِائِةٍ وَتِسْعَةِ أَجْزَاءٍ وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ (وَفِي هِبَةٍ) يَكُونُ (لِمَوْهُوبٍ لَهُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ) مِنْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ (وَبِقَدْرِهِ مِنْ كَسْبِهِ) وَإِنْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ وَكَسْبُهُ صُرِفَا فِي الدَّيْنِ، وَلَا عِتْقَ وَلَا هِبَةَ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى التَّبَرُّعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُمَا الدَّيْنُ صَرَفَ مِنْ قِيمَتِهِ وَكَسْبِهِ مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ وَمَا بَقِيَ مِنْهُمَا قُسِّمَ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْقِنِّ الْكَامِلِ وَكَسْبِهِ. فَلَوْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَكَسَبَ مِثْلَ قِيمَتِهِ صُرِفَ فِيهِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ كَسْبِهِ وَقُسِّمَ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْعَتِيقِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ نِصْفَيْنِ. (وَإِنْ أَعْتَقَ) الْمَرِيضُ (أَمَةً) لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا (ثُمَّ وَطِئَهَا) بِشُبْهَةٍ أَوْ مُكْرَهَةً (وَمَهْرُ مِثْلِهَا نِصْفُ قِيمَتِهَا فَكَمَا لَوْ كَسَبَتْهُ يُعْتَقُ) مِنْهَا (ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا) سُبُعٌ بِمِلْكِهَا لَهُ فِي نَفْسِهَا بِحَقِّهَا مِنْ مَهْرِهَا. وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَسُبْعَانِ بِإِعْتَاقِ الْمَيِّتِ. قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَكِنَّ فِي التَّشْبِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْكَسْبَ يَزِيدُ بِهِ مِلْكُ السَّيِّدِ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ فِي الْعِتْقِ، وَالْمَهْرُ يُنْقِصُهُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي نُقْصَانَ الْعِتْقِ (وَلَوْ وَهَبَهَا) الْمَرِيضُ (لِمَرِيضٍ آخَرَ لَا مَالَ لَهُ) أَيْضًا (فَوَهَبَهَا الثَّانِي لِلْأَوَّلِ) وَمَاتَا (صَحَّتْ هِبَةُ الْأَوَّلِ فِي شَيْءٍ وَعَادَ إلَيْهِ بِ) الْهِبَةِ (الثَّانِيَةِ ثُلُثُهُ بَقِيَ لِوَرَثَةِ الْآخَرِ ثُلُثَا شَيْءٍ وَلِ) وَرَثَةِ (الْأَوَّلِ شَيْئَانِ) فَاضْرِبْ الشَّيْئَيْنِ وَالثُّلُثَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ لِيَزُولَ الْكَسْرُ تَكُنْ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ (فَلَهُمْ) أَيْ: وَرَثَةِ الْأَوَّلِ (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا) سِتَّةٌ (وَلِوَرَثَةِ الثَّانِي رُبْعُهَا) شَيْئَانِ. وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِصِحَّةِ الْهِبَةِ فِي ثُلُثِ الْمَالِ وَصِحَّةِ هِبَةِ الثَّانِي فِي ثُلُثِ الثُّلُثِ، فَتَكُونُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَاضْرِبْهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ، أَسْقِطْ السَّهْمَ الَّذِي صَحَّتْ فِيهِ الْهِبَةُ الثَّانِيَةُ تَبْقَ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ. (وَإِنْ بَاعَ) الْمَرِيضُ (قَفِيزًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ يُسَاوِي) الْقَفِيزُ (ثَلَاثِينَ) دِرْهَمًا (بِقَفِيزٍ) مِنْ جِنْسِهِ (يُسَاوِي عَشَرَةَ) دَرَاهِمَ (وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَأَسْقِطْ قِيمَةَ الرَّدِيءِ) عَشَرَةً (مِنْ قِيمَةِ الْجَيِّدِ) ثَلَاثِينَ (ثُمَّ اُنْسُبْ الثُّلُثَ إلَى الْبَاقِي) بَعْدَ إسْقَاطِهِ قِيمَةَ الرَّدِيءِ (وَهُوَ) أَيْ الثُّلُثُ (عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ) الَّتِي هِيَ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ (تَجِدْهُ) أَيْ: الثُّلُثَ (نِصْفَهَا) أَيْ: الْعِشْرِينَ (فَيَصِحُّ) الْبَيْعُ (فِي نِصْفِ) الْقَفِيزِ (الْجَيِّدِ وَبِنِصْفِ) الْقَفِيزِ (الرَّدِيءِ وَيَبْطُلُ) الْبَيْعُ (فِيمَا بَقِيَ) بَعْدَ نِصْفِهِمَا (لِئَلَّا يُفْضِيَ) تَصْحِيحُ الْبَيْعِ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِأَقَلَّ مِنْ الْآخَرِ (إلَى رِبَا الْفَضْلِ) وَهُوَ مُحَرَّمٌ (فَلَوْ لَمْ يُفْضِ) إلَى رِبًا (كَعَبْدٍ) بَاعَهُ الْمَرِيضُ (يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَبْدٍ يُسَاوِي عَشَرَةً) وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ (صَحَّ بَيْعُ ثُلُثِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ الْمُسَاوِي ثَلَاثِينَ (بِالْعَشَرَةِ) أَيْ: بِالْعَبْدِ الْمُسَاوِي لَهَا (وَالثُّلُثَانِ) مِنْ الْعَبْدِ الْمُسَاوِي ثَلَاثِينَ (كَالْهِبَةِ) لِأَنَّهُ لَا مُقَابِلَ لَهُمَا (لِلْمُبْتَاعِ نِصْفَهُمَا لَا إنْ كَانَ) الْمُبْتَاعُ (وَارِثًا) لِلْمَرِيضِ وَلَهُ الْخِيَارُ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ. فَإِنْ فَسَخَ وَطَلَبَ قَدْرَ الْمُحَابَاةِ أَوْ طَلَبَ الْإِمْضَاءَ فِي الْكُلِّ، وَتَكْمِيلَ حَقِّ الْوَرَثَةِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (وَإِنْ أَقَالَ مَنْ) أَيْ: مَرِيضُ مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (أَسْلَفَهُ) أَيْ: أَسْلَمَهُ (عَشَرَةَ) دَرَاهِمَ مَثَلًا (فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقِيمَتِهِ) أَيْ: الْكُرِّ (عِنْدَ الْإِقَالَةِ ثَلَاثُونَ) مِنْ جِنْسِ الْعَشَرَةِ، وَلَا مِلْكَ لَهُ غَيْرُ الْكُرِّ (صَحَّتْ) الْإِقَالَةُ (فِي نِصْفِهِ) أَيْ: الْكُرِّ (بِخَمْسَةٍ) مِنْ الْعَشَرَةِ وَبَطَلَتْ فِي الْبَاقِي لِئَلَّا يُفْضِيَ صِحَّتُهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ بِزِيَادَةٍ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ. إلَيْهِ وَارِثًا وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ. فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ لِوَارِثٍ. (وَإِنْ أَصْدَقَ) الْمَرِيضُ (امْرَأَةً عَشَرَةً لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَصَدَاقُ مِثْلِهَا) أَيْ: الْمَرْأَةِ (خَمْسَةٌ فَمَاتَتْ) تَحْتَهُ فَوَرِثَهَا (ثُمَّ مَاتَ) وَلَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَ مَا أَصْدَقَهَا دَخَلَهَا الدَّوْرُ (فَ) يُقَالَ (لَهَا بِالصَّدَاقِ خَمْسَةٌ) الَّتِي هِيَ مَهْرُ مِثْلِهَا. (وَ) لَهَا (شَيْءٌ بِالْمُحَابَاةِ) بَقِيَ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ خَمْسَةُ الْأَشْيَاءِ ثُمَّ (رَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (نِصْفُهُ) أَيْ: الَّذِي لَهَا وَهُوَ الْخَمْسَةُ وَشَيْءٌ (بِمَوْتِهَا) وَهُوَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ وَنِصْفُ شَيْءٍ (صَارَ لَهُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ) لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ خَمْسَةٌ إلَّا شَيْئًا، وَوَرِثَ اثْنَيْنِ وَنِصْفًا وَنِصْفَ شَيْءٍ (يَعْدِلُ) ذَلِكَ (شَيْئَيْنِ اُجْبُرْهَا) أَيْ السَّبْعَةَ وَنِصْفًا إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ (بِنِصْفِ شَيْءٍ) بِأَنْ تُقَدِّرَ إضَافَةَ نِصْفِ شَيْءٍ إلَى ذَلِكَ فَتَصِيرُ سَبْعَةً وَنِصْفًا تَامَّةً (وَقَابِلِ) الْجَبْرَ بِتَقْدِيرِ إضَافَةِ نِصْفِ شَيْءٍ عَلَى الشَّيْئَيْنِ فَتَصِيرُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفًا (مَخْرَجُ الشَّيْءِ ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّ السِّتَّةَ تُقَابِلُ شَيْئَيْنِ وَالْوَاحِدُ وَنِصْفٌ تَكْمِلَةُ السَّبْعَةِ وَنِصْفٌ تُقَابِلُ نِصْفَ شَيْءٍ (فَلِوَرَثَتِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (سِتَّةٌ) لِأَنَّ لَهُمْ شَيْئَيْنِ (وَلِوَرَثَتِهَا أَرْبَعَةٌ) لِأَنَّهُ كَانَ لَهَا خَمْسَةٌ وَشَيْءٌ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ إلَى وَرَثَتِهِ نِصْفُهَا، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ (وَإِنْ مَاتَ) زَوْجُهَا (قَبْلَهَا وَرِثَتْهُ) أَيْ: وَرِثَتْ فَرْضَهَا مِنْهُ بِالزَّوْجِيَّةِ (وَسَقَطَتْ الْمُحَابَاةُ) أَيْ بَطَلَتْ نَصًّا إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا بَاقِي الْوَرَثَةِ لِأَنَّهَا كَالْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ. فَإِنْ لَمْ تَرِثْهُ لِنَحْوِ مُخَالَفَةٍ فِي دَيْنٍ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَثُلُثُ مَا حَابَاهَا بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَ ذَلِكَ. (وَمَنْ وَهَبَ زَوْجَتَهُ كُلَّ مَالِهِ فِي مَرَضِهِ فَمَاتَتْ قَبْلَهُ) ثُمَّ مَاتَ (فَلِوَرَثَتِهِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَلِوَرَثَتِهَا خُمُسُهُ) وَطَرِيقُهُ: أَنْ تَقُولَ: صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي شَيْءٍ وَعَادَ إلَيْهِ نِصْفُهُ بِالْإِرْثِ يَبْقَى لِوَرَثَتِهِ الْمَالُ كُلُّهُ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ. فَإِذَا جَبَرْتَ وَقَابَلْتَ خَرَجَ الشَّيْءُ خُمُسَ الْمَالِ وَهُوَ مَا صَحَّتْ فِيهِ الْهِبَةُ، فَحَصَلَ لِوَرَثَتِهِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَلِوَرَثَتِهَا خُمُسُهُ. وَوَجْهُ إفْضَائِهِ إلَى الدَّوْرِ: أَنَّا تَبَيَّنَّا بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ قَبْلَهُ أَنَّ الْهِبَةَ لِغَيْرِ وَارِثٍ. فَتَصِحُّ فِي ثُلُثِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَدْ صَحَّتْ فِي قَدْرٍ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ الْهِبَةِ وَعَادَ إلَيْهِ نِصْفُهُ بِالْمِيرَاثِ فَيَزِيدُ ثُلُثُهُ بِذَلِكَ. وَإِذَا زَادَ ثُلُثُهُ زَادَ الْقَدْرُ الَّذِي صَحَّتْ فِيهِ الْهِبَةُ فَيَدُورُ، لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَا صَحَّتْ فِيهِ الْهِبَةُ حَتَّى يُعْلَمَ الْمِيرَاثُ، وَلَا يُعْلَمُ الْمِيرَاثُ حَتَّى يُعْلَمَ مَا صَحَّتْ فِيهِ الْهِبَةُ.
وَلَوْ أَقَرَّ مَرِيضٌ مَلَكَ ابْنَ عَمِّهِ أَوْ ابْنَ ابْنِ عَمِّهِ وَنَحْوَهُ فِي مَرَضِهِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (أَنَّهُ أَعْتَقَ ابْنَ عَمِّهِ أَوْ نَحْوَهُ فِي صِحَّتِهِ) عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَوَرِثَهُ (أَوْ مَلَكَ) الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ (مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) كَأَخِيهِ وَابْنِهِ (بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) لِأَنَّهُ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ، إذْ التَّبَرُّعُ بِالْمَالِ إنَّمَا هُوَ بِالْعَطِيَّةِ أَوْ الْإِتْلَافِ أَوْ التَّسَبُّبِ إلَيْهِ. وَهَذَا لَيْسَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا. وَالْعِتْقُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِهِ، فَهُوَ كَالْحُقُوقِ الَّتِي تَلْزَمُ بِالشَّرْعِ فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَبُولُ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ لَيْسَ بِعَطِيَّةٍ وَلَا إتْلَافٍ لِمَالِهِ. وَإِنَّمَا هُوَ تَحْصِيلٌ لِشَيْءٍ تَلِفَ بِتَحْصِيلِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ تَضْيِيعٌ لِمَالِهِ فِي ثَمَنِهِ (وَوَرِثَ) لِعَدَمِ الْمَانِعِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْرَارِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ وَصِيَّةً وَإِلَّا لَاعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ. (فَلَوْ اشْتَرَى) الْمَرِيضُ (ابْنَهُ وَنَحْوَهُ) كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ (بِمِائَةٍ وَ) ابْنُهُ وَنَحْوُهُ (يُسَاوِي أَلْفًا فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ) الصَّادِرَةِ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمَرِيضِ وَهُوَ تِسْعُمِائَةٍ (مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) أَيْ: لَا يُحْتَسَبُ بِهِ فِي التَّرِكَةِ وَلَا عَلَيْهَا وَعَتَقَ بِالشِّرَاءِ إنْ خَرَجَ ثَمَنُهُ مِنْ الثُّلُثِ (وَالثَّمَنُ) الَّذِي هُوَ الْمِائَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ (وَثَمَنُ كُلِّ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَرِيضِ إذَا اشْتَرَاهُ فِي مَرَضِهِ (مِنْ ثُلُثِهِ) لِأَنَّهُ عَتَقَ فِي الْمَرَضِ فَحُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَتِيقُ أَجْنَبِيًّا فَلَوْ كَانَ ابْنًا وَاشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَلَهُ غَيْرُهُ ابْنٌ حُرٌّ وَأَلْفَانِ عَتَقَ وَشَارَكَ أَخَاهُ فِي الْأَلْفَيْنِ (وَيَرِثُ) مِنْ الْمَرِيضِ ذُو رَحِمِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فِي مَرَضِهِ وَعَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ نَصًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ أَشْبَهَ غَيْرَهُ. (فَلَوْ اشْتَرَى) الْمَرِيضُ (أَبَاهُ بِكُلِّ مَالِهِ) وَمَاتَ (وَتَرَكَ ابْنًا عَتَقَ ثُلُثُ الْأَبِ) بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ (عَلَى الْمَيِّتِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ) أَيْ: الثُّلُثِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِسَبَبِ عِتْقِهِ (وَوَرِثَ) الْأَبُ (بِثُلُثِهِ الْحُرِّ مِنْ نَفْسِهِ ثُلُثَ سُدُسِ بَاقِيهَا الْمَرْقُوقِ) لِأَنَّ فَرْضَهُ السُّدُسُ لَوْ كَانَ تَامَّ الْحُرِّيَّةِ فَلَهُ بِثُلُثِهَا ثُلُثُ السُّدُسِ (وَلَا وَلَاءَ) لِأَحَدٍ (عَلَى هَذَا الْجُزْءِ) الَّذِي وَرِثَهُ مِنْ نَفْسِهِ (وَبَقِيَّةُ الثُّلُثَيْنِ) وَهِيَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْأَبِ وَثُلُثَا سُدُسِهِ (تَعْتِقُ عَلَى الِابْنِ) بِمِلْكِهِ لَهَا مِنْ جَدِّهِ (وَلَهُ وَلَاؤُهَا) لِعِتْقِهَا عَلَيْهِ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ تِسْعَةٌ مِنْهَا وَهِيَ الثُّلُثُ تَعْتِقُ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَهُ وَلَاؤُهَا، وَسَهْمٌ مِنْهَا يَعْتِقُ عَلَى نَفْسِهِ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَهُوَ ثُلُثُ سُدُسِ الثُّلُثَيْنِ، وَيَبْقَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَرِثُهَا الِابْنُ تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَهُ وَلَاؤُهَا (وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمَرِيضُ أَبَاهُ وَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ (تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَقِيمَتُهُ) أَيْ الْأَبِ (سِتَّةٌ تَحَاصَّا) أَيْ: الْبَائِعُ وَالْأَبُ فِي ثُلُثِ التِّسْعَةِ، لِأَنَّ مِلْكَ الْمَرِيضِ لِأَبِيهِ مُقَارَنٌ لِمِلْكِ الْبَائِعِ بِثَمَنِهِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَطِيَّةٌ مُنْجَزَةٌ فَتَحَاصَّا لِتَقَارُنِهِمَا (فَكَانَ ثُلُثُ الثُّلُثِ) وَهُوَ دِينَارٌ (لِلْبَائِعِ مُحَابَاةً وَثُلُثَاهُ لِلْأَبِ عِتْقًا يُعْتَقُ بِهِ ثُلُثُ رَقَبَتِهِ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ) مِنْ الْمُحَابَاةِ (دِينَارَيْنِ) لِبُطْلَانِهَا فِيهِمَا (وَيَكُونُ ثُلُثَا) رَقَبَةِ (الْأَبِ مَعَ الدِّينَارَيْنِ) اللَّذَيْنِ رَدَّهُمَا الْبَائِعُ (مِيرَاثًا) يَرِثُ مِنْهُ الْأَبُ بِثُلُثِهِ الْحُرِّ ثُلُثَ سُدُسِ ذَلِكَ، وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ بَاقِي جَدِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَكَلَامُهُ فِي شَرْحِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ لِلِابْنِ وَلَيْسَ عَلَى الْقَوَاعِدِ. (وَإِنْ عَتَقَ) مَنْ اشْتَرَاهُ الْمَرِيضُ مِنْ أَقَارِبِهِ (عَلَى وَارِثِهِ) دُونَهُ بِأَنْ يَكُونَ أَخًا لِابْنِ عَمِّهِ الْوَارِثِ لَهُ فَاشْتَرَاهُ (صَحَّ) شِرَاؤُهُ (وَعَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى أَخِيهِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِإِرْثِهِ لَهُ مِنْ ابْنِ عَمِّهِ فَلَا يَرِثُ مَعَهُ. (وَإِنْ دَبَّرَ) الْمَرِيضُ (ابْنَ عَمِّهِ وَنَحْوَهُ) كَابْنِ عَمِّ أَبِيهِ (عَتَقَ) بِمَوْتِهِ (وَلَمْ يَرِثْ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ قَارَنَ الْحُرِّيَّةَ وَلَمْ يَسْبِقْهَا. فَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِرْثِ حِينَئِذٍ. (وَ) إنْ قَالَ الْمَرِيضُ لِابْنِ عَمِّهِ وَنَحْوَهُ (أَنْتَ حُرٌّ آخِرَ حَيَاتِي) ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ (عَتَقَ) ابْنُ عَمِّهِ وَنَحْوُهُ لِوُجُودِ شَرْطِ عِتْقِهِ (وَوَرِثَ) لِسَبْقِ الْحُرِّيَّةِ الْإِرْثَ (بِخِلَافِ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِمَوْتِ قَرِيبِهِ) كَقِنٍّ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ إنْ مَاتَ أَخُوكَ الْحُرُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِذَا مَاتَ أَخُوهُ عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حُرًّا حَالَ الْإِرْثِ (وَلَيْسَ عِتْقُهُ) أَيْ: الْمَقُولِ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ آخِرَ حَيَاتِي (وَصِيَّةً لَهُ) حَتَّى تَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ. فَتَبْطُلُ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ فِي آخِرِ الْحَيَاةِ وَالْوَصِيَّةُ تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ. (وَلَوْ أَعْتَقَ) الْمَرِيضُ (أَمَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ) ثُمَّ مَاتَ (وَرِثَتْهُ) نَصًّا حَيْثُ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ (وَتَعْتِقُ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ) لِحُرِّيَّتِهِ التَّامَّةِ (وَإِلَّا) تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ (عَتَقَ) مِنْهَا (بِقَدْرِهِ) أَيْ: الثُّلُثِ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ (وَبَطَلَ النِّكَاحُ) لِظُهُورِ أَنَّهُ نَكَحَ مُبَعَّضَةً يَمْلِكُ بَعْضَهَا وَالنِّكَاحُ لَا يُجَامِعُ الْمِلْكَ. (وَلَوْ أَعْتَقَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَأَصْدَقَهَا مِائَتَيْنِ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمَا وَهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا ثُمَّ مَاتَ صَحَّ الْعِتْقُ) وَالنِّكَاحُ (وَلَمْ تَسْتَحِقَّ الصَّدَاقَ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى بُطْلَانِ عِتْقِهَا ثُمَّ يَبْطُلُ صَدَاقُهَا) لِأَنَّهَا إنْ اسْتَحَقَّتْ الصَّدَاقَ لَمْ يَبْقَ لَهُ سِوَى قِيمَةِ الْأَمَةِ الْمُقَدَّرِ بَقَاؤُهَا فَلَا يُنَفَّذُ الْعِتْقُ فِي كُلِّهَا. وَإِذَا بَطَلَ فِي الْبَعْضِ بَطَلَ النِّكَاحُ فَيَبْطُلُ الصَّدَاقُ. وَإِنْ أَعْتَقَهَا وَأَصْدَقَ الْمِائَتَيْنِ غَيْرَهَا وَمَاتَ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ صَحَّ الْإِصْدَاقُ وَبَطَلَ الْعِتْقُ فِي ثُلُثَيْ الْأَمَةِ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْمَوْتِ، وَكَذَا إنْ تَلِفَتْ الْمِائَتَانِ حَالَ مَوْتِهِ. (وَلَوْ تَبَرَّعَ) الْمَرِيضُ (بِثُلُثِهِ) فِي الْمَرَضِ (ثُمَّ اشْتَرَى أَبَاهُ وَنَحْوَهُ) كَأُمِّهِ وَأَخِيهِ (مِنْ الثُّلُثَيْنِ صَحَّ الشِّرَاءُ) لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ (وَلَا عِتْقَ) لِمَا اشْتَرَاهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ لِلْوَرَثَةِ بِتَقْدِيرِ مَوْتِهِ (فَإِذَا مَاتَ) الْمَرِيضُ (عَتَقَ) الْأَبُ وَنَحْوُهُ (عَلَى وَارِثِ) الْمَرِيضِ (وَإِنْ كَانَ) الْأَبُ وَنَحْوُهُ (مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ: وَارِثِ الْمَرِيضِ لِمِلْكِهِ لَهُ بِإِرْثِهِ (وَلَا إرْثَ) لِلْعِتْقِ إذَنْ (لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ فِي حَيَاتِهِ) بَلْ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَمِنْ شَرْطِ الْإِرْثِ حُرِّيَّةُ الْوَارِثِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَمْ يُوجَدْ. وَإِنْ تَبَرَّعَ الْمَرِيضُ بِمَالٍ أَوْ عِتْقٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَمْ يَبْطُلْ تَبَرُّعُهُ وَلَا عِتْقُهُ. وَإِنْ ادَّعَى الْمُتَّهَبُ أَوْ الْعَتِيقُ صُدُورَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ الصِّحَّةَ فَقَوْلُهُمْ، نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي الْعِتْقِ. وَلَوْ قَالَ الْمُتَّهَبُ: وَهَبَنِي زَمَنَ كَذَا صَحِيحًا فَأَنْكَرُوا صِحَّتَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ قُبِلَ قَوْلُ الْمُتَّهَبِ. ذَكَرَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَمَا لَزِمَ الْمَرِيضَ فِي مَرَضِهِ مِنْ حَقٍّ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ وَإِسْقَاطُهُ كَأَرْشِ جِنَايَتِهِ أَوْ جِنَايَةِ رَقِيقِهِ وَمَا عَاوَضَ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَمَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَكَذَا النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَشِرَاءُ جَارِيَةٍ يَسْتَمْتِعُ بِهَا وَلَوْ كَثِيرَةَ الثَّمَنِ بِثَمَنِ مِثْلِهَا. وَالْأَطْعِمَةُ الَّتِي لَا يَأْكُلُ مِثْلُهُ مِثْلَهَا فَيَجُوزُ وَيَصِحُّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
|